أحسن بالواجد من وجده
لـ


قصيدة أحسن بالواجد من وجده

أحْسَنُ بالوَاجِدِ مِن وَجْدِهِ

صَبْرٌ يُعيدُ النّارَ في زَنْدِهِ

ومَنْ أبَى في الرُّزْءِ غَيْرَ الأسَى

كانَ بُكاهُ مُنْتَهَى جُهْدِهِ

فَليَذْرِفِ الجَفْنُ على جَعْفَرٍ

إذ كانَ لم يُفْتَحْ على نِدّهِ

والشيءُ لا يَكْثُرُ مُدّاحُهُ

إلاّ إذا قيسَ إلى ضِدّهِ

لوْلا غَضَا نَجْدٍ وقُلاّمُهُ

لم يُثْنَ بالطّيبِ على رَنْدِهِ

ليسَ الذي يُبْكى على وَصْلِهِ

مثلَ الذي يُبْكى على صَدّهِ

والطّرْفُ يرْتاحُ إلى غُمْضِهِ

وَلَيسَ يَرْتاحُ إلى سُهْدِهِ

كانَ الأسَى فَرْضاً لو أنّ الرّدى

قال لنا افْدوهُ فلم نَفْدِهِ

هل هُوَ إلا طالِعٌ للهُدى

سارَ منَ التُّرْبِ إلى سَعْدِهِ

فباتَ أدْنَى مِنْ يَدٍ بَينَنا

كأنّهُ الكَوْكَبُ في بُعدِهِ

يا دَهْرُ يا مُنجِزَ إيعادِهِ

ومُخْلِفَ المأمولِ من وَعْدِهِ

أيُّ جَديدٍ لكَ لم تُبْلِهِ

وأيُّ أقرانِكَ لم تُرْدِهِ

تَستأسِرُ العِقبانَ في جَوّها

وتُنزِلُ الأعصَمَ من فِنْدِهِ

أرى ذَوي الفَضل وأضدادَهم

يَجمعُهُمْ سَيْلُكَ في مَدّهِ

إنْ لم يكُنْ رُشْدُ الفتى نافِعاً

فغَيّهُ أنفَعُ مِنْ رُشْدِهِ

تَجرِبةُ الدّنيا وأفعالِها

حَثّتْ أخا الزّهْدِ عَلى زُهْدِهِ

والقَلْبُ مِنْ أهوائِهِ عابِدٌ

ما يَعْبُدُ الكافرُ من بُدّهِ

إنّ زَماني برَزياهُ لي

صَيّرَني أمْرَحُ في قِدّهِ

كأنّنا في كَفّهِ مالُهُ

يُنفِقُ ما يَختارُ من نَقْدِهِ

لوْ عَرَفَ الإنْسانُ مقدارَهُ

لم يَفْخَر المولى على عَبْدِهِ

أمْسِ الذي مَرّ على قرْبهِ

يَعجِزُ أهلُ الأرْضِ عن رَدّهِ

أضْحى الذي أُجّلَ في سِنّهِ

مثلَ الذي عُوجِلَ في مَهْدِهِ

ولا يُبالي المَيْتُ في قَبرهِ

بذَمّهِ شُيّعَ أمْ حَمْدِهِ

والواحِدُ المُفرَدُ في حَتْفِهِ

كالحاشِدِ المُكْثِرِ من حَشدِهِ

وحالَةُ الباكي لآبائِه

كحالَةِ الباكي على وُلْدِهِ

ما رغبَةُ الحيّ بأبنائِهِ

عَمّا جنَى الموْتُ على جَدّهِ

ومَجْدُهُ أفعالُهُ لا الذي

من قَبْلِهِ كانَ ولا بَعْدِهِ

لُوْلا سَجاياهُ وَأخْلاقُهُ

لكانَ كالمَعْدومِ في وُجْدِهِ

تَشتاقُ أيّارَ نفوسُ الوَرَى

وإنّما الشّوْقُ إلى وَرْدِهِ

تَدعو بطول العمر أفواهُنا

لمَنْ تَناهى القَلبُ في وُدّهِ

يُسَرّ إن مُد بَقاءٌ لَهُ

وكلُّ ما يَكْرَهُ في مَدّهِ

أفضَلُ ما في النّفسِ يَغتالُها

فنَستَعيذُ اللهَ من جُندِهِ

وآفَةُ العاشِقِ مِنْ طَرْفِهِ

وآفَةُ الصّارِمِ مِنْ حَدّهِ

كم صائنٍ عن قُبْلَةٍ خدَّهُ

سُلّطَتِ الأرْضُ على خَدّهِ

وحامِلٍ ثِقْلَ الثّرَى جِيدُهُ

وكان يَشكو الضَّعفَ من عِقدِهِ

وَرُبّ ظمآنَ إلى مَوْرِدٍ

وَالمَوْتُ لوْ يَعْلَمُ في وِرْدِهِ

ومُرْسِلِ الغارَةِ مَبثوثَةً

مِن أدهَمِ اللّوْنِ ومن وَرْدِهِ

يَخوضُ بحراً نَقْعُهُ ماؤهُ

يَحْمِلُهُ السّابحُ في لِبْدِهِ

أشجَعُ مَنْ قَلّبَ خَطّيّةً

على طَويلِ الباعِ مُمْتَدّهِ

يَرَى وُقوعَ الزُّرْقِ في دِرْعِهِ

مثْلَ وُقوع الزُّرْقِ في جِلْدِهِ

لا يَصِلُ الرُّمْحُ إلى طَرْفِهِ

ولا إلى المُحْكَمِ مِنْ سَرْدِهِ

يُلقى عليهِ الطّعنُ إلقاءكَ ال

حَسْبَ على المُسرعِ في عَقدِهِ

بلَحظَةٍ منهُ فَما دونَها

يَرُدّ غَرْبَ الجيشِ عن قَصْدِهِ

أمْهَلَهُ الدّهْرُ فأوْدَى بهِ

مُبْيَضُّهُ يُحْدَى بمُسْوَدّهِ

فَيا أخا المَفقُودِ في خَمسَةٍ

كالشُّهبِ ما سَلاّك عن فقدِهِ

جاءَكَ هذا الحُزْنُ مُستَجدياً

أجْرَكَ في الصّبرِ فلا تُجْدِهِ

سَلِّمْ إلى اللّهِ فكُلُّ الّذي

ساءَكَ أو سَرّكَ من عندِهِ

لا يَعْدَمُ الأسْمَرُ في غابِهِ

حَتْفاً ولا الأبيضُ في غِمدِهِ

إنّ الذي الوَحْشَةُ في دارِهِ

تُؤنِسُهُ الرّحمَةُ في لَحْدِهِ

لا أُوحشَتْ دارُك من شَمسِها

ولا خلا غابُكَ مِنْ أُسْدِهِ

شرح قصيدة أحسن بالواجد من وجده لـ أَبو العَلاء المَعَرِي

قصيدة أحسن بالواجد من وجده لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 50 بيت شعري .


تعريف وترجمات أَبو العَلاء المَعَرِي

هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.

ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.


المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي


أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.

ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.

كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.

وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"

وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"

عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.

وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".


المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري

مشاركة في شبكات التواصل الإجتماعي:

اقرأ أيضاً لـ أَبو العَلاء المَعَرِي


أثرى أخوك فلم يسكب نوافله

أَثرى أَخوكَ فَلَم يَسكُب نَوافِلَهُ وَحَلَّ رُزءٌ فَظَلَّ الدَمعُ مَسكوبا أَما ...

أكرهت أن يدعى وليدك حارثا

أَكَرِهتَ أَن يُدعى وَليدُكَ حارِثاً يا حارِثَ اِبنَ الحارِثِ اِبنِ الحارِثِ تِل ...

الحظ يقسم عاش بشر ما اشتكى

الحَظُّ يُقسَمُ عاشَ بِشرٌ ما اِشتَكى نَظَراً وَعُمِّرَ أَكمَهاً بَشّارُ وَهيَ ا ...

ترنم في نهارك مستعينا

تَرَنَّم في نَهارِكَ مُستَعيناً بِذِكرِ اللَهِ في المُتَرَنِّماتِ عَنَيتُ بِها ا ...

متى ما تخالط عالم الإنس لا يزل

مَتّى ما تُخالِط عالَمَ الإِنسِ لا يَزَل بِسَمعِكَ وَقرٌ مِن مَقالِ سَفيهِ إِذا ...

هي غربتان فغربة من عاقل

هِيَ غُربَتانِ فَغُربَةٌ مِن عاقِلٍ ثُمَّ اِغتِرابٌ مِن مُحَكِّمِ عَقلِهِ وَالطَ ...