أَيا ديكُ عُدَّت مِن أَياديكَ صَيحَةٌ
بَعَثتَ بِها مَيتَ الكَرى وَهُوَ نائِمُ
هَتَفتَ فَقالَ الناسُ أَوسُ بنُ مُعيرٍ
أَو اِبنُ رَباحٍ بِالمَحَلَّةِ قائِمُ
لَعَلَّ بِلالاً هَبَّ مِن طولِ رَقدَةٍ
وَقَد بَلِيَت في الأَرضِ تِلكَ الرَمائِمُ
وَنِعمَ أُذينُ المَعشَرِ اِبنُ حَمامَةٍ
إِذا سَجَعَت لِلذاكِرينَ الحَمائِمُ
وَفيكَ إِذا ما ضَيَّعَ النِكسُ غَيرَةٌ
تُصانُ بِها المُستَصحَباتُ الكَرائِمُ
وَجودٌ بِمَوجودِ النَوالِ عَلى الَّتي
حَمَيتَ وَإِن لَم تَستَهِلَّ الغَمائِمُ
يُزانُ لَدَيكَ الطَعنُ في حَومَةِ الوَغى
إِذا زُيِّنَت لِلعاجِزينَ الهَزائِمُ
فَلَو كُنتَ بِالدُرِّ الثَمينِ مُعَوَّضاً
مِنَ البُرِّ ما لامَت عَلَيهِ اللَوائِمُ
وَتُلقى لَدَيكَ المُنقِضاتُ نَواصِعاً
يُقالُ غَريباتُ البِحارِ التَوائِمُ
رَآها كِباراً مَن بَراها كَأَنَّها
تَريكُ نَعامٍ أَودَعَتهُ الصَرائِمُ
وَتُؤثِرُ بِالقوتِ الحَليلَةَ شيمَةً
كَريمِيَّةً ما اِستَعمَلَتها الأَلائِمُ
كَأَنَّكَ فَحلُ الشَولِ حَولَكَ أَينَقٌ
عَلَيها بُرىً مِن طاعَةٍ وَخَزائِمُ
فَتُلمَحُ تاراتٍ وَتُغضي كَأَنَّها
ضَرائِرُ سَفَّتها لَدَيكَ الخَصائِمُ
فَحُمرٌ وَسودٌ حالِكاتٌ كَأَنَّها
سَوامُ بَني السَيّدِ اِزدَهَتهُ القَوائِمُ
عَلَيكَ ثِيابٌ خاطَها اللَهُ قادِراً
بِها رَئِمَتكَ العاطِفاتُ الرَوائِمُ
وَتاجُكَ مَعقودٌ كَأَنَّكَ هُرمُزٌ
يُباهي بِهِ أَملاكَهُ وَيُوائِمُ
وَعَينُكَ سِقطٌ ما خَبا عِندَ قِرَّةٍ
كَلَمعَةِ بَرقٍ ما لَها الدَهرَ شائِمُ
وَما إِفَتَقَرت يَوماً إِلى موقِدٍ لَها
إِذا قُرِّبَت لِلموقِدينَ الهَشائِمُ
وَرِثتَ هُدى التَذكارِ مِن قَبلَ جُرهُمٍ
أَوانَ تَرَقَّت في السَماءِ النَعائِمُ
وَما زِلتَ لِلدَينِ القَديمِ دِعامَةً
إِذا قَلِقَت مِن حامِليهِ الدَعائِمُ
وَلَو كُنتَ لي ما أُرهِفَت لَكَ مُديَةٌ
وَلا رامَ إِفطاراً بِأَكلِكَ صائِمُ
وَلَم يُغلَ ماءٌ كَي تُمَزَّقَ حُلَّةٌ
حَبَتكَ بِأَسناها العُصورُ القَدائِمُ
وَلا عُمتَ في الخَمرِ الَّتي حالَ طَعمُها
كَأَنَّكَ في غَمرٍ مِنَ السَيلِ عائِمُ
وَلاقَيتَ عِندي الخَيرَ تَحسَبُ عَيِّلاً
يُنافيكَ قَولٌ سَيِّئٌ وَشَتائِمُ
فَإِن كَتَبَ اللَهُ الجَرائِمَ ساخِطاً
عَلى الخَلقِ لَم تُكتَب عَلَيكَ الجَرائِمُ
فَهَل تُرِدنَ حَوضَ الحَياةِ مُبادِراً
إِذا حُلِّئَت عَنهُ النُفوسُ الحَوائِمُ
وَتَرتَعُ ما بَينَ النَبيئَينِ ناعِماً
بِعَيشَةِ خُلدٍ لَم تَنَلها السَمائِمُ
وَأَقوالُ سُكّانِ البِلادِ ثَلاثَةٌ
تَوالى عَلَيها عانِدٌ وَمُلائِمُ
فَقَولٌ جَزاءٌ ما وَقَولٌ تَهاوُنٌ
وَآخَرُ يُجزى إِنسُهُ لا البَهائِمُ
يُضارِعُنا مَن بَعدَنا في أُمورِنا
وَنَمضي عَلى العِلّاتِ وَالفِعلُ دائِمُ
وَكُلٌّ يُوَصّي النَفسَ عِندَ خُلُوِّهِ
بِزُهدٍ وَلَكِن لا تَصِحُّ العَزائِمُ
وَأَينَ فِراري مِن زَماني وَأَهلِهِ
وَقَد غَصَّ شَرّاً نَجِدهُ وَالتَهائِمُ
وَفي كُلِّ شَهرٍ تَصرَعُ الدَهرَ جِنَّةٌ
فَنُعقَدُ فيهِ بِالهِلالِ التَمائِمُ
لَهُ عُوَذٌ في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبٍ
رَعاها اليَمانِيَ الدارِ وَالمُتَشائِمُ
أَبى القَلبُ إِلّا أُمَّ دَفرٍ كَما أَبى
سِوى أُمَّ عَمرٍو موجَعُ القَلبِ هائِمُ
هِيَ المُنتَهى وَالمُشتَهى وَمَعَ السُهى
أَمانِيُّ مِنها دونَهُنَّ العَظائِمُ
وَلَم تَلقَنا إِلّا وَفينا تَحاسُدٌ
عَلَيها وَإِلّا في الصُدورِ سَخائِمُ
نَزَت في الحَشا ثُمَّ اِستَقَلَّت فَغادَرَت
جَماجِمَ تَنزو فَوقَهُنَّ الغَمائِمُ
وَأَيّا مُنا عيسٌ وَلَيسَ أَزِمَّةٌ
عَلَيها وَخَيلٌ أَغفَلَتها الشَكائِمُ
وَقَد نَسِيَت حُسنَ العُهودِ وَما لَها
بَنانُ يَدٍ فيهِ تُشَدُّ الرَتائِمُ
فَإِن سَكِرَت فَالراحُ فيها كَثيرَةٌ
ذَوارِعُها وَالمُخرَزاتُ الحَتائِمُ
قَسيماتُ أَلوانٍ سَميحاتُ شيمَةٍ
لَها ضائِعٌ ما طَيَّبَتهُ القَسائِمُ
وَما خِلَقُ البيضِ الحِسانِ حَميدَةً
إِذا اِشتَهَرَت أَخلاقُهُنَّ الدَمائِمُ
وَتَمضي بِنا الساعاتُ مُضمِرَةً لَنا
قَبيحاً عَلى أَنَّ الوُجوهَ وَسائِمُ
نَمَمنَ بِما يَخفيهِ حَيٌّ وَمَيِّتٌ
وَمِن شَرِّ أَفعالِ الرِجالِ النَمائِمُ
يَعيشُ الفَتى في عُدمِهِ عَيشَ راغِبٍ
وَيُثري مُسِنٌّ لِلمَعيشَةِ سائِمُ
وَأَنوارُ أَعوامٍ مَضَينَ شَواهِدٌ
بِما ضَمِنَتهُ بَعدَهُنَّ الكَمائِمُ
قصيدة أيا ديك عدت من أياديك صيحة لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 47 بيت شعري .
هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.
ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.
المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي
أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.
ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.
كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.
وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"
وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"
عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.
وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".
المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري
يَقولُ الناسُ إِنَّ الخَمرَ تُؤَدّي بِما في الصَدرِ مِن هَمٍّ قَديمِ وَلَولا أَن ...
لا يرهب الموت من كان امرأ فطنا
لا يَرهَبُ المَوتَ مَن كانَ اِمرِأً فَطِناً فَإِنَّ في العَيشِ أَرزاءً وَأَحداثا ...
وَالمالُ يَحويهِ جَدوى مَن يَجودُ بِهِ إِنَّ المَكارِمَ لِلمُجدينَ أَموالُ وَالق ...
أُريدُ لِيانَ العَيشِ في دارِ شِقوَةٍ وَتَأبى اللَيالي غَيرَ بُخلٍ وَلَيانِ وَيُ ...
عَجِبتُ لِمَلبوسِ الحَريرِ وَإِنَّما بَدَت كَبُنَيّاتِ النَقيعِ غَوازِلُه وَلَلش ...
نطيحُ وَلا نُطيقُ دِفاعَ أَمرٍ فَكَيفَ يَروعُنا الغادي النَطيحُ وَلَم يَكُ أَهلُ ...