أَيا شَجَرَ العُرا أوسِعتِ رِيّاً
فَقَد جَفَّ العِضاهُ وَلَم تَجُفّي
وَما يَبقى إِذا فَتَّشتَ حَيٌّ
تَخَيُّرُهُ الحَوادِثُ أَو تُنَفّي
لِكافورٍ غَدا الكافورُ زاداً
وَجَفَّت أَبحُرٌ مِن آلِ جُفِّ
وَهَل فاتَ الحتوفَ أَخو هُذَيلٍ
كَأَنَّ مُلاءَتَيهِ عَلى هِجفِّ
أَو العادي السُلَيكُ وَصاحِباهُ
أَو الأَسَدِيُّ كَالصَعلِ الهِزَفِّ
تَجُمُّ جُيوشُها فَيَضِلُّ فيها
فَتىً يَجتابُ صَفّاً بَعدَ صَفِ
تَكَلَّفتَ الوَفاءَ وَحُمَّ يَومٌ
أَراحَ مِنَ التَوافي بِالتَوَفّي
وَدَهري بِالمُغارِ أَغارَ صَبري
وَعَلَّمَني التَعَفُّفَ بِالتَعَفّي
أَما شُغِلَ الأَنامُ عَنِ التَقافي
بِما وَعَدَ الزَمانُ مِنَ التَقَفّي
وَقَد صَدَقَت ظُنونٌ مِن رِجالٍ
تَخَفّوا ما تَوارى بِالتَخَفّي
رَأوا مُتَسَتِّراً عَنهُم بِسُدٍّ
لِيَأجوجَ كَمُستَتِرٍ بِشَفِّ
لَقَد عَجَبَ القَضاءُ لِرَكبِ مَوجٍ
يُقابِلُهُ بِمِزمارٍ وَدُفِّ
وَلَو نالَت عُقابُ اللوحِ لُبّاً
عَداها عَن تَكَفُّئِها التَكَفّي
وَقَد يُغني المُسِفَّ إِلى الدَنايا
تَعَيُّشُهُ مِنَ الخوصِ المُسَفِّ
وَوَطءُ السُفِّ يَحمي الرِجلَ مِنهُ
بَكورُ يَدٍ عَلى ذُرَةٍ بِسَفِّ
وَكَم بُسِطَ البَنانُ فَعادَ صِفراً
وَزارَ الجودُ كَفّاً ذاتَ كَفِّ
وَما رَفُّ الكِعابِ سِوى عَناءٍ
وَإِن عُنِيَت لِمَسواكٍ بِرَفِّ
وَكَم زُفَّت إِلى جَدَثٍ عَروسٌ
وَقَد هَمَّت إِلى عُرُسٍ بِزَفِّ
أَرى دُنياكَ خالَطَها قَذاها
وَأَعيَت أَن يُهَذِّبَها مُصَفّي
بَنوها مِثلُها فَحَلِلتَ مِنها
بِوَهدٍ أَو بِهَضبٍ أَو بِقُفِّ
تَهيجُ صَغائِرُ الأَشياءِ خَطباً
جَليلاً ما سَناهُ بِمُستَشَفِّ
وَإِنَّ القَتلَ في أُحُدٍ وَبَدرٍ
جَنى القَتلَينِ في نَهرٍ وَطَفِّ
وَإِن لَذَّ القَبيحَ غُواةُ قَومٍ
فَإِنَّ الفَضلَ يُعرَفُ لِلأَعَفِّ
وَلَيسَ عَلَيَّ غَيرُ بُلوغُ جُهدي
وَضَيفي قانِعٌ مِنّي بِضَفِّ
إِذا اِستَثقَلتُ أَثوابي وَنَعلي
فَثِقلي في التَجَرُّدِ وَالتَحَفّي
لَعَلَّ مَطيَّةً مِنّي قَريبٌ
فَيَحمِلُ سَيرُها قَدَماً بِخُفِّ
وَما سَلُّ المُهَنَّدِ لِلتَوَقّي
كَسَلِّ المَشرِفيَّةِ لِلتَشَفّي
وَلَيسَ الخَمسُ ضارِبَةً بِسَيفٍ
نَظيرَ الخِمسِ ضارِبَةً بِدُفِّ
أَباغي حَظِّهِ بِقَناً وَخَيلٍ
كَباغيهِ بِمُنوالٍ وَحَفِّ
وَما الجَبَلُ الوَقورُ لِجاذِبيهِ
عَلى العِلّاتِ كَالجُزءِ الأَخَفِّ
وَجِسمي شَمعَةٌ وَالنَفسُ نارٌ
إِذا حانَ الرَدى خَمَدَت بِأُفِّ
أَعَيَّرتِ النِعامَ أولاتُ فَرعٍ
خُلُوَّ الهامِ مِن ريشٍ وَزِفِّ
لَعَلَّ النَبعَ تَثنيهِ اللَيالي
أَخا وَرَقٍ وَنَورٍ مُستَكِفِّ
إِذا ما القائِلُ الكِنديُّ ذَلَّت
لَهُ الأَوزانُ فَاِعتَرِفي بِشِفِّ
فَإِنَّ عُطارِداً في الجَوِّ أَولى
بِأَن يَزِنَ الكَلامَ وَأَن يُقَفّي
وَأَقصي عَن مَآرِبِكَ البَرايا
وَلا يَغرُركَ خِلٌّ بِالتَحَفّي
وَفَذٌّ في مَقاصِدِهِ بَليغٌ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِن إِلفٍ أَلَفِّ
لَعَمرُ أَبيكَ ما خالي بِخالٍ
لِشائِمِهِ وَلا شُهدي بِهَفِّ
فَإِن أُعطِ القَليلَ يَكُن هَنيئاً
يَجيءُ المُستَميحَ بِغَيرِ شَفِّ
إِذا وَرَدَ الفَقيرُ عَلى اِحتِياجي
أَغَثتُ لَهيفَهُ بِالمُستَدَفِّ
وَلَو كانَ الكَثيرُ لَقَلَّ عِندي
وَأَهوَنَ بِالطَفيفِ المُستَطَفِّ
قصيدة أيا شجر العرا أوسعت ريا لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 41 بيت شعري .
هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.
ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.
المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي
أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.
ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.
كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.
وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"
وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"
عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.
وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".
المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري
مِن أَعجَبِ الأَشياءِ في دَهرِنا وَاللَهُ لا ناسٍ وَلا والِثُ إِثنانِ باتا في فِ ...
بِنتُ نَصارى نَزَلَت مِن ذُرى عالٍ إِلى قَبرٍ وَناووسِ في حُلَلٍ غُبرٍ وَكَم أَش ...
الدَهرُ كَالرَبعِ لَم يَعلَم بِحالَتِهِ هَل عِندَ ذي الدارِ مِن سُكّانِها خَبَرُ ...
قِيانٌ غَدَت خَمساً وَعَشراً عَلى عَصا لِخَمسٍ وَعَشرٍ لا يُحَسُّ لَها جَذرُ تَح ...
سَأَفعَلُ خَيراً ما اِستَطَعتُ فَلا تُقَم عَلَيَّ صَلاةٌ يَومَ أُصبِحُ هالِكا فَ ...
لَقَد بَكَّرَت في خِفِّها وَإِزارِها لِتَسأَلَ بِالأَمرِ الضَريرَ المُنَجِّما وَ ...