إذا وقت السعادة زال عني
لـ


قصيدة إذا وقت السعادة زال عني

إِذا وَقتُ السَعادَةِ زالَ عَنّي

فَكِلني إِن أَرَدتَ وَلا تُكَنّي

نَبَذتُ نَصيحَتي أَن رَثَّ جِسمي

وَكَم نَقَعَ الغَليلَ خَبيءُ شَنِّ

وَقَد عَدِمَ التَيَقُّنُ في زَمانٍ

حَصَلنا مِن حِجاهُ عَلى التَظَنّي

فَقُلنا لِهِزبَرِ أَأَنتَ لَيثٌ

فَشَكَّ وَقالَ عَلَيَّ أَو كَأَنّي

وَضَعتُ عَلى قَرا الأَيّامِ رَحلي

فَما أَنا لِلمُقامِ بِمُطمَئِنِّ

وَلاقَتبي عَلى العَودِ المُزَجّى

وَلا سَرجي عَلى الفَرَسِ الأَدَنِّ

وَلَكِن تَرقُلُ الساعاتُ تَحتي

بَرِئنَ مِنَ التَمَكُّثِ وَالتَأَنّي

أَحِنُّ وَما أَجُنُّ سِوى غَرامٍ

بِغَيرِ الحَقِّ مِن حِنٍّ وَجِنِّ

نَصَحتُكِ ناقَتي سَلَبي وَنَفسي

وَنُحرِكُ في الحَنينِ فَلا تَحِنّي

أَضَيفَ الفَقرِ ضَيفَنُكَ اِدِّلاجٌ

فَهَل لَكَ مِن ذُؤالَةَ في ضِفَنِّ

غِنىً وَتَصَعلُكٌ وَكَرىً وَسُهدٌ

فَقَضَّينا الحَياةَ بِكُلِّ فَنِّ

زَمانٌ لا يَنالُ بَنوهُ خَيراً

إِذا لَم يَلحَظوهُ مِنَ التَمَنّي

عَرَفتُ صُروفَهُ فَأَزَمتُ مِنها

عَلى سِنِّ اِبنِ تَجرِبَةٍ مُسِنِّ

وَأَفقَرَني إِلى مَن لَيسَ مِثلي

كَما اِفتَقَرَ السِنانُ إِلى المِسَنِّ

أَنا اِبنُ التُربِ ما نَسَبي سِواهُ

قَلَلتُ عَنِ التَسَمّي وَالتَكَنّي

إِذا أَلهَمَتنِيَ الغَبراءُ يَوماً

فَقَد أَمِنَ التَجَنُّبُ وَالتَجَنّي

وَما أَهلُ التَحَنُّؤُ وَالتَحَلّي

إِلى أَهلِ التَحَلُوِّ وَالتَحَنّي

وَيَكفيكَ التَقَنُّعُ مِن قَريبٍ

عَظائِمَ لَيسَ تُبلَغُ بِالتَوَنّي

صَريرَ الرُمحِ في زَرَدٍ مَنيعٍ

وَوَقعَ المَشرَفِيِّ عَلى المِجَنِّ

وَحَملَ مُهَنَّدٍ يَسطو بِعَيرٍ

وَفورٍ لَيسَ بِالأَشِرِ المُرِنِّ

وَلا شَلّالِ عاناتٍ خِماصٍ

وَلَكِن خَيلِ جَيشٍ مُرجَحَنِّ

يَرى عَذمَ الأَوابِدِ غَيرَ حِلٍّ

وَيَعذِمُ هامَةَ البَطَلِ الرِفَنِّ

وَما يَنَفكُّ مُحتَمِلاً ذُباباً

أَبى التَغريدُ في الخَضِرِ المُغَنِّ

تَذوبُ حِذارَهُ زُرقُ الأَعادي

وَيَسخى بِالحَياةِ حَليفُ ضَنِّ

وَيَنفُثُ في فَمِ الحَيّاتِ سُمّاً

وَيَملَأُ ذِلَّةً أَنفَ المِصِنِّ

وَخَرقُ مَفازَةٍ كُسِيَت سَراباً

يُعَرّي الذِئبَ مِن وَبَرٍ مُكِنِّ

شَكَت سَحَراً مِنَ السَبَراتِ قُرّاً

فَأَوسَعَها الهَجيرُ مِنَ القُطُنِّ

وَتَعزِفُ جِنُّها وَاللَيلُ داجٍ

إِذا خَلَتِ الجَنادِبُ مِن تَغَنّي

يَخالُ الغِرُّ سَرحَ بَني أُقَيشٍ

يُؤَنَّقُ في مَراتِعِها بِسَنِّ

أَراكَ إِذا اِنفَرَدتَ كُفيتَ شَرّاً

مِنَ الخَلِّ المُعاشِرِ وَالمِعَنِّ

وَمَن يَحمِل حُقوقَ الناسِ يوجَد

لَدى الأَغراضِ كَالفَرَسِ المُعَنِّ

أَتَعجَبُ مِن مُلوكِ الأَرضِ أَمسَوا

لِلَذّاتِ النُفوسِ عَبيدَ قِنِّ

فَإِن دانَيتُهُم لَم تَعدُ ظُلَماً

وَمَنّاً في الأُمورِ بِغَيرِ مَنِّ

نَهَيتُكَ عَن خِلاطِ الناسِ فَاِحذَر

أَقارِبَكَ الأَداني وَاِحذَرَنّي

وَإِن أَنا قُلتُ لا تَحمِل جُرازاً

فَهُزَّ أَخا السَفاسِقِ وَاِضرِبَنّي

فَنَصلُ السَيفِ وَهوَ اللُجُّ يَرمي

غَريقاً فَوقَ سَيفٍ مُرفَئِنِّ

وَضاحيهِ يُزيلُ غُضونَ وَجهٍ

وَيَبسُطُ مِن وِدادِ المُكبَئِنِّ

فَما حَمَلَت يَداهُ بِهِ خَؤوناً

وَلا نَبَراتُهُ نَبَراتُ وَنِّ

سَنا العَيشِ الخُمولُ فَلا تَقولوا

دَفينُ الصيتِ كَالمَيتِ المُجَنِّ

وَتُؤثِرُ حالَةَ الزِمّيتِ نَفسي

وَأَكرَهُ شيمَةَ الرَجُلِ المِفَنِّ

كَفى حُزناً رَحيلُ القَومِ عَنّي

وَلَيسَ تَخَيُّري وَطَنَ المِبِنِّ

تَبَنَّوا خَيمَهُم فَوُقوا هَجيراً

وَأَعوَزَني مَكانٌ لِلتَبَنّي

يُصافِحُ راحَةً بِاليَأسِ قَلبي

وَلَدنُ الشَرخِ حُوِّلَ مِن لَدُنّي

وَما أَنا وَالبُكاءَ لِغَيرِ خَطبٍ

أَعينُ بِذاكَ لِمَن لَم يَسَتَعِنّي

حَسِبتُكَ لَو تُوازِنُ بي ثَبيراً

وَرَضوى في المَكارِمِ لَم تَزِنّي

وَما أَبغي كِفاءَكَ عَن جَميلٍ

وَأَمّا بِالقَبيحِ فَلا تَدِنّي

وَلا تَكُ جازِياً بِالخَيرِ شَرّاً

وَإِن أَنا خُنتُ في سَبَبٍ فَخُنّي

جَليسي ما هَويتُ لَكَ اِقتِراباً

وَصُنتُكَ عَن مُعاشَرَتي فَصُنّي

أَرى الأَقوامَ خَيرُهُمُ سَوامٌ

وَإِن أُهِنِ اِبنَ حادِثَةٍ يُهِنّي

إِذا قُتِلَ الفَتى الشِرّيبُ مِنهُم

فَلا يَهِجِ الغَرامَ كَسيرُ دَنِّ

رَأَيتُ بَني النَضيرِ مِن آلِ موسى

أَعارَهُمُ الشَقاءُ حَطيمَ ثِنِّ

سَعَوا وَسَعَت أَوائِلُهُم لِأَمرٍ

فَما رَبِحوا سِوى دَأبٍ مُعَنّي

شرح قصيدة إذا وقت السعادة زال عني لـ أَبو العَلاء المَعَرِي

قصيدة إذا وقت السعادة زال عني لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 52 بيت شعري .


تعريف وترجمات أَبو العَلاء المَعَرِي

هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.

ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.


المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي


أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.

ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.

كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.

وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"

وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"

عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.

وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".


المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري

مشاركة في شبكات التواصل الإجتماعي:

اقرأ أيضاً لـ أَبو العَلاء المَعَرِي


ألا ترحم الأشياخ لما تأودوا

أَلا تَرحَمُ الأَشياخَ لَمّا تَأَوَّدوا يَقولونَ قَد كُنّا الغَرانِقَةَ المُردا ...

يطهر الجسد المغرور صاحبه

يُطَهِّرُ الجَسَدَ المَغرورَ صاحِبُه وَإِنَّما صيغَ أَقذاراً وَأَنجاسا كَم اِدَّ ...

رددت إلى مليك الحق أمري

رَدَدتُ إِلى مَليكِ الحَقِّ أَمري فَلَم أَسأَل مَتى يَقَعُ الكُسوفُ فَكَم سَلِمَ ...

عميانكم قرأت على أجداثكم

عُميانُكُم قَرَأَت عَلى أَجداثِكُم وَأَتوا لَكُم بِالبِرِّ مَن آتاكُمُ أَحياؤُكُ ...

بالغار من هضبي عماية نازل

بِالغارِ مِن هَضبَي عَمايَةَ نازِلٌ ما زالَ توقَدُ نارُهُ بِالغارِ وَكَبائِرُ ال ...

قرنت جيشين فكم من دم

قَرَنتَ جَيشَينِ فَكَم مِن دَمٍ أَرَقتَ لا هَدياً عَنِ القارِنِ فَمارِني إِن شِئ ...