تخَيّرْتُ جُهْدي لو وَجدْت خِيارَا
وطِرْتَ بعَزْمي لو أصَبْتُ مَطارا
جَهِلْتُ فلمّا لم أرَ الجهْلَ مُغْنِياً
حَلُمْتُ فأوْسَعْتُ الزّمانَ وَقارا
إلى كم تَشكّاني إليّ رَكائبي
وتُكْثِرُ عَتْبي خُفْيةً وجِهارا
أسِيرُ بها تحتَ المَنايا وفوْقَها
فيَسْقُطُ بي شَخْصُ الحِمامِ عِثارا
وكُنّ إذا لاقَيْنَني ليَرِدْنَني
رَجَعْنَ كما شاءَ الصّديقُ حِرارا
فللّهِ طَعْمي ما أمَرّ مَذاقَهُ
وللهِ عِيسي ما أقَلّ نِفارا
وأسْوَدَ لم تَعْرِفْ له الإنْسُ والِداً
كَسانيَ منه حُلّةً وخِمارا
سَرَتْ بيَ فيه ناجِياتٌ مِياهُها
تَجِمّ إذا ماءُ الرّكائِبِ غارا
فخَرّقْنَ ثوْبَ اللّيْلِ حتى كأنّني
أَطَرْتُ بها في جانبيْه شَرارا
وباتَتْ تُراعي البدرَ وهْوَ كأنّه
من الخَوْفِ لاقى بالكَمالِ سِرارا
تأخّرَ عن جيْشِ الصّباحِ لضُعْفِه
فأوْثَقَهُ جيشُ الظّلامِ إسارا
ووافَتْ رِعاناً للرِّعانِ كأنّما
تُحادِثُها الشّعْرى العَبُورُ سِرَارا
وباتَ غَوِيُّ القوْمِ يَحْسَبُ أنّهُ
أجَدَّ إلى أهلِ السّماءِ مَزارا
إذا ضَنّ زَنْدٌمَدّ بالشّخْتِ كفَّه
ليَقْبِسَ من بعضِ الكواكبِ نارا
إذا قُيّدَتْ في مَنْزِلي بتَنُوفَةٍ
حَسِبْتَ مُناخاً أو طِنَتْه مُثارا
تظُنّ غَطيطَ النوْمِ نَهْمَةَ زاجِرٍ
فتَقْطَعُ قَيْداً أو تَبُتّ هِجارا
أطَلّتْ على أرجاء أزرَقَ مُتْرَعٍ
تَنُوشُ بَريراً حوْلَه وبَهارا
يَمِدْنَ إذا أُسْقِينَ منه كأنما
شَرِبنَ به قَبْلَ الضّياء عُقارا
إذا خفقَ البرْقُ الحِجازِيُّ أعْرَضَتْ
وتَرْنو إذا برْقُ العِراقِ أنارا
وتأرَنُ مِن بَعدِ اللُّغوبِ كأنّه
إليها بجَدّ في النّجاءِ أشارا
وليْستْ تُحِسّ الأرضُ منها بوطْأةٍ
فتُفْزِعُ سِرْباً أو تَروعُ صِوارا
تَدوسُ أفاحيصَ القطا وَهْوَ هاجِدٌ
فتَمْضي ولم تَقْطَعْ عليه غِرارا
وتَقْنِصُ أُمَّ الخِشْفِ ما أبَهَتْ لها
فتُحْدِثَ عنها نَبْوَةً وفِرارا
كأنّكَ أصْغَرْتَ الزمانَ وأهْلَهُ
عَبيداً ولم تَرْضَ البسيطةَ دارا
تَظَلّ المَنايا في سُيوفِكَ شُرّعاً
إذا النّقْعُ مِن تحتِ السّنابِكِ ثارا
فإنْ عُدّ ضَحضاح الحِمامِ صَوارِمٌ
عُدِدْنَ بُحُوراً للرّدى وغِمارا
كأنّ تُرابَ الأرضِ لم يَرْضَ عِزَّها
فأصْعَدَ يَبْغي في السماء جِوارا
بكلّ كُميْتٍ ما رَعتْ خبَطَ الحِمى
ولا شَرِبَتْ رِسْلَ اللّقاحِ سَمارا
إذا ما عَلاهَا فارسٌ ظَنّ أنّه
تَبَوّأ ما بين النّجومِ قَرارا
ولم أرَ خَيْلاً مِثْلَها عَرَبيّةً
تُذِيلُ عَدُوّاً أو تصُونُ ذِمارا
أشَدَّ على مَن حارَبَتْه تسلّطاً
وأبْعَدَ منها في البلادِ مُغارا
يُكَلّفُها الأرضَ البعيدةَ ماجِدٌ
يُشَيّدُ مَجْداً لا يُكشِّفُ عارا
غَذاهُنّ مُحْمَرَّ النّجيعِ قَوارِحاً
كما كُنّ يُغْذَيْنَ الضّريبَ مِهارا
سمعْنَ الوَغى قبلَ الصّهيلِ وما انْسَرَتْ
مَشَايِمُها حتى اكتَسَينَ غُبارا
إذا أفرعَتْ من ذاتِ نِيقٍ حَسِبْتَها
تُفيضُ على أهلِ الوُهودِ بِحارا
وإن نَهَضَتْ من مطمَئنّ ظنَنْتَه
يَجيشُ جِبالاً أو يَمُجّ حِرارا
يَغُولُ سِباعَ الطّيرِ ضَنْكُ غُبارِها
فيُسْقِطُ مَوْتَى أعْقُباً ونِسارا
ويَجْشِمُ فيه السِّيدُ رُعْباً فكُلما
أضاءتْ لعينيه القَواضِبُ سارا
هَداهُ إلى ما شاء كلّ مهَنّدٍ
يَكونُ لأسبابِ الحُتوفِ نِجارا
كأنّ المَنايا جيشُ ذَرّ عَرَمْرَمٌ
تَخِذْنَ إلى الأرْوَاحِ فيهِ مَسارا
قصيدة تخيرت جهدي لو وجدت خيارا لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 40 بيت شعري .
هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.
ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.
المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي
أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.
ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.
كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.
وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"
وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"
عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.
وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".
المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري
إِذا مَدَحوا آدَمِيّاً مَدَح تُ مَولى المَوالي وَرَبَّ الأُمَم وَذاكَ الغَنِيُّ ...
عمى العين يتلوه عمى الدين والهدى
عَمى العَينِ يَتلوهُ عَمى الدينِ وَالهُدى فَلَيلَتِيَ القُصوى ثَلاثُ لَيالي وَما ...
إِذا كُنتَ لا تَسطيعُ دَفعَ صَغيرَةٍ أَلَمَّت وَلا تَسطيعُ دَفعَ كَبيرِ فَسَلِّم ...
لَعَلَّ نُجومَ اللَيلِ تُعمِلُ فِكرَها لِتَعلَمَ سِرّاً فَالعُيونُ سَواهِدُ خَرَ ...
لولا تحِيّةُ بعضِ الأربُعِ الدُّرُسِ ما هابَ حَدُّ لِساني حادثَ الحَبَسِ هل تَسْ ...
آلَيتُ أَرغَبُ في قَميصِ مُمَوِّهٍ فَأَكونَ شارِبَ حَنظَلٍ مِن حَنضَلِ نَجى المَ ...