طَرِبْنَ لضَوْءِ البَارِقِ المُتَعالي
ببَغدادَ وهْناً ما لَهُنّ وما لي
سَمَتْ نحوَهُ الأبْصارُ حتى كأنها
بنارَيْهِ مِن هَنّا وثَمّ صَوالي
إذا طالَ عنها سَرّها لو رُؤوسُها
تُمَدّ إليه في رُؤوسِ عَوال
تمنّتْ قُوَيْقاً والصَّراةُ حِيالَها
تُرابٌ لها من أيْنُقٍ وجِمال
إذا لاحَ إيماضٌ سَتْرُت وُجوهَهَا
كأنّيَ عَمْروٌ والمَطِيُّ سَعالي
وكم هَمّ نِضْوٌ أن يَطيرَ مع الصَّبا
إلى الشأمِ لولا حَبْسُهُ بعِقال
ولولا حِفاظي قلتُ للمَرْءِ صاحبي
بسَيْفِكَ قيّدْها فلستُ أُبالي
أأبغي لها شَرّاً ولم أرَ مِثْلَها
سَفَايِرَ ليلٍ أو سَفائنَ آل
وهُنّ مُنيفاتٌ إذا جُبْنَ وادياً
توَهّمْنَنا منهُنّ فوْقَ جِبال
لقد زارني طَيْفُ الخَيالِ فَهاجَني
فهل زارَ هذي الإبلَ طَيْفُ خَيال
لعَلّ كَراهَا قد أراها جِذابَها
ذَوائبَ طَلْحٍ بالعَقيقِ وضَال
ومَسْرَحَها في ظِلّ أحْوَى كأنها
إذا أظْهَرَتْ فيه ذَواتُ حِجال
حَلُمْنا بأسْنانِ الكُهُولِ وهذه
شَوارِفُ تَزْهاها حُلومُ إفال
تَرَى العَودَ منها باكياً فكأنّه
فَصِيلٌ حَماهُ الخِلْفَ رَبُّ عِيال
فآبِكَ هذا أخضرُ الحال مُعْرِضاً
وأزْرَقُ فاشرَبْ وارْعَ ناعِمَ بال
ستَنْسَى مِياهاً بالفَلاةِ نَمِيرَةً
كنِسْيانِها وِرْداً بعَيْنِ أثَال
وإن ذَهَلَتْ عمّا أجِنّ صُدورُها
فقد ألهَبَتْ وَجْداً نُفوسَ رِجال
ولو وَضَعَتْ في دِجلةَ الهامَ لم تُفِقْ
من الجَرْعِ إلاّ والقُلوبُ خَوال
تذَكّرْنَ مُرّاً بالمَناظِرِ آجِناً
عليه من الأرْطَى فُرُوعُ هَدال
وأعْجَبَها خَرْقُ العِضَاهِ أُنوفَها
بمِثْلِ إبَارٍ حُدّدتْ ونِصال
تَلَوْنَ زَبوراً في الحَنينِ مُنَزّلاً
عليهِنّ فيه الصّبرُ غيرُ حَلال
وأنشَدْنَ مِن شِعْرِ المَطايا قصِيدةً
وأَوْدَعْنَها في الشوْقِ كلَّ مّقال
أمِنْ قِيلِ عَوْدٍ رَازِمٍ أمْ رِوايَةٍ
أتَتْهُنّ عن عَمٍّ لهُنّ وَخال
كأنّ المَثاني والمَثالِثَ بالضّحَى
تَجاوَبُ في غِيدٍ رُفِعْنَ طِوال
كأنّ ثَقِيلاً أوّلاً تُزْدَهَى به
ضَمائِرُ قوْمٍ في الخطوبِ ثِقال
بكى سامرِيُّ الجَفْن إن لامسَ الكَرَى
له هُدْبَ جَفْنٍ مَسّهُ بسِجال
فليْتَ سَنيراً بانَ منه لصُحْبَتي
بِرَوْقَيْ غَزالٍ مثلُ رَوْقِ غَزال
ومَنْ لي بأنّي في جَناحِ غَمامةٍ
تُشَبّهُها في الجُنْحِ أُمّ رِئال
تَهادانيَ الأرْواحُ حتى تحُطّني
على يَدِ رِيحٍ بالفُراتِ شِمال
فيا بَرْق ليس الكَرْخُ داري وإنما
رَماني إليه الدهرُ مُنْذُ لَيال
فهل فيكَ من ماء المَعَرّةِ قَطْرَةٌ
تُغيثُ بها ظَمآنَ ليسَ بسال
دعا رَجَبٌ جَيْشَ الغَرامِ فأقبلَتْ
رِعالٌ تَرودُ الهَمَّ بَعْدَ رِعال
يُغِرْنَ علَيَّ الليلَ إذ كلُّ غارَةٍ
يَكونُ لها عند الصّباحِ تَوَال
ولاحَ هِلالُ مِثلُ نُونٍ أجادَها
بجاري النَّضَارِ الكاتبُ ابنُ هِلال
فذَكّرَني بَدْرَ السّماوَةِ بادِناً
شَفا لاحَ مِن بَدرِ السَّماءةِ بال
وقد دَمِيَتْ خَمْسٌ لها عَنَمِيّةٌ
بإدْمانِها في الأزْمِ شوْكَ سِيال
تقولُ ظِباءُ الحَزْمِ والدَمْعُ ناظِمٌ
على عِقَدِ الوَعْساءِ عِقْدَ ضَلال
لقد حَرَمَتْنا أثْقَلَ الحَلْيِ أُخْتُنا
فما وَهَبَتْ إلاّ سُموطَ لآلي
فإنْ صَلَحَتْ للناظِمينَ دُموعُنا
فأنْتُنّ منها والكَثيبُ حَوال
جَهِلْتُنّ أنّ اللّؤلؤ الذّوْبَ عندنا
رَخيصٌ وأنّ الجامِداتِ غَوال
ولو كان حقّاً ما ظنَنْتُنّ لاغْتَدَتْ
مَسافةُ هذا البَرّ سِيفَ أوَال
أإخْوانَنا بينَ الفُراتِ وجِلّقٍ
يدَ اللهِ لا خَبّرْتُكمْ بمُحال
أُنَبّئُكمْ أنّي على العَهْدِ سالمٌ
ووَجهِيَ لَمّا يُبْتَذَلْ بسُؤال
وأنّي تيَمّمْتُ العِراقَ لغَيرِ ما
تيَمّمَهُ غَيْلانُ عِندَ بِلال
فأصبَحْتُ محموداً بفَضْليَ وَحْدَه
على بُعْدِ أنصاري وقِلّةِ مالي
نَدِمْتُ على أرضِ العواصِمِ بعدَما
غدَوْتُ بها في السّوْمِ غيرَ مُغال
ومِن دونِها يومٌ من الشمسِ عاطِلٌ
وليلٌ بأطرافِ الأسِنّةِ حال
وشُعْثٌ مَدارِيها الصّوارِمُ والقَنا
وليس لها إلاّ الكُماة فَوَال
أَرُوحُ فلا أخشى المَنايا وأتّقي
تَدَنُّسَ عِرْضٍ أو ذَميمَ فِعال
إذا ما حِبالٌ من خليلٍ تصرّمَتْ
عَلِقْتُ بخِلٍّ غَيْرِهِ بحِبال
ولو أنّني في هالةِ البَدرِ قاعِدٌ
لَمَا هابَ يومي رِفْعَتي وجَلالي
قصيدة طربن لضوء البارق المتعالي لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 51 بيت شعري .
هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.
ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.
المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي
أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.
ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.
كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.
وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"
وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"
عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.
وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".
المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري
مَضى الزَمانُ وَنَفسُ الحَيِّ مولَعَةٌ بِالشَرِّ مِن قَبلِ هابيلٍ وَقابيلِ لَو غ ...
أَيوجَدُ في الوَرى نَفَرٌ طَهارى أَمِ الأَقوامُ كُلُّهُمُ رُجوسُ بَناتُ العَمُّ ...
إِذا عُدتَ في مَرَضٍ مُكثِراً فَخَفِّف وَخَف أَن تُمِلَّ العَليلا وَإِن كانَ ذا ...
المُلكُ لِلَّهِ لا نَنفَكُّ في تَعَبٍ حَتّى تَزايَلَ أَرواحٌ وَأَجسادُ وَلا يُرى ...
ما مَقامي إِلّا إِقامَةُ عانٍ كَيفَ أَسري وَفي يَدِ الدَهرِ أَسري وَيَسارُ الفَت ...
أَلَم تَرى لِلشِعرى العَبورِ تَوَقَّدَت بِعالٍ رَفيعٍ لَم تَنَلهُ القَوابِسُ تَب ...