علّلاني فإنّ بِيضَ الأماني
فَنِيَتْ والظّلامُ ليسَ بِفاني
إن تَنَاسَيْتُما وِدادَ أُناسٍ
فاجعَلاني مِن بعضِ مَن تَذكُرانِ
رُبّ ليلٍ كأنّه الصّبحُ في الحُسْ
نِ وإن كانَ أسْودَ الطّيلَسانِ
قد رَكَضْنا فيه إلى اللّهْوِ لمّا
وَقَفَ النّجْمُ وِقْفَةَ الحَيْرانِ
كمْ أرَدْنا ذاكَ الزّمانَ بمَدْحٍ
فشُغِلْنَا بذَمّ هذا الزّمَانِ
فكأني ما قلْتُ والبدْرُ طِفْلٌ
وشَبابُ الظّلْماءِ في عُنْفُوانِ
ليلتي هذه عُروسٌ من الزّنْ
جِ عليها قلائِدٌ مِن جُمانِ
هَرَبَ النّوْمُ عن جُفونيَ فيها
هَرَبَ الأمْنِ عن فؤادِ الجَبانِ
وكأنّ الهِلالَ يَهْوى الثّريّا
فهُما للوَداعِ مُعْتَنِقانِ
قال صَحْبي في لُجّتَينِ من الحِنْ
دِسِ والبيدِ إذْ بدا الفَرْقَدانِ
نحنُ غَرْقَى فكيف يُنْقذُنا نجْ
مانِ في حَوْمةِ الدّجى غَرِقانِ
وسُهَيْلٌ كوَجْنَةِ الحِبّ في اللّوْ
نِ وقَلْبِ المُحِبّ في الخَفَقَانِ
مُسْتَبِدّاً كأنّه الفارِسُ المُعْ
لَمُ يبْدو مُعارِضَ الفُرسانِ
يُسْرِعُ اللّمْحَ في احْمِرارٍ كما تُسْ
رِعُ في اللّمْحِ مُقْلَةُ الغَضْبانِ
ضَرّجَتْهُ دماً سيوفُ الأعادي
فبكَتْ رَحْمَةً له الشِّعْرَيانِ
قَدمَاهُ وَرَاءَهُ وهْوَ في العَجْ
زِ كساعٍ ليستْ له قدَمانِ
ثُمّ شابَ الدّجى وخافَ من الهجْ
رِ فغَطّى المَشيبَ بالزّعفرانِ
ونضا فجْرُهُ على نَسْرِهِ ال
واقعِ سيْفاً فهَمّ بالطّيَرانِ
وَبِلادٍ وَرَدْتُها ذَنَبَ السِّرْ
حانِ بينَ المَهاةِ والسَّرْحانِ
وعُيونُ الرِّكابِ تَرْمُقُ عَيْناً
حوْلَهَا مَحْجِرٌ بلا أجْفانِ
وعلى الدّهْرِ مِن دماءِ الشّهيدَيْ
نِ علِيٍّ وَنَجْلِه شاهِدانِ
فهُما في أواخرِ اللّيْلِ فَجْرا
نِ وفي أُولَياتِهِ شَفَقَانِ
ثَبَتَا في قَميصِهِ ليَجيءَ الحَشْ
رَ مُسْتَعْدِياً إلى الرّحْمنِ
وجَمالُ الأوانِ عَقْبُ جُدودٍ
كلُّ جدّ منهمْ جَمالُ أوانِ
يا ابن مُسْتَعْرِضِ الصّفوفِ ببدْرٍ
ومُبِيدِ الجُمُوعِ مِن غَطَفَانِ
أحدِ الخَمْسَةِ الذينَ هُمُ الأغْ
راضُ في كلّ مَنْطِقٍ والمَعاني
والشّخوصِ التي خُلِقْنَ ضِياءً
قبْلَ خَلْقِ المِرّيخِ والمِيزانِ
قبْلَ أن تُخْلَقَ السّماوَاتُ أو تُؤْ
مَرَ أفْلاكُهُنّ بالدّوَرانِ
لو تأتّى لنَطْحِها حَمَلُ الشّهْ
بِ تَرَدّى عن رأسِه الشَّرَطانِ
أو أراد السّماكُ طَعْناً لها عا
د كسِيرَ القَناةِ قبْلَ الطّعانِ
أو رَمَتْها قَوْس الكواكبِ زال العَج
سُ منها وخانَها الأبْهَرانِ
أو عصاها حوتُ النّجومِ سَقَاهُ
حَتْفَهُ صائِدٌ مِن الحِدْثانِ
أنتَ كالشمسِ في الضّياء وإن جا
وَزْتَ كَيْوَانَ في عُلُوّ المَكانِ
وافَقَ اسْمُ ابنِ أحْمدَ اسْمَ رَسُو
لِ اللهِ لمّا تَوافَقَ الغَرَضَانِ
وسَجايا محمّدٍ أعْجَزَتْ في الْ
وَصْفِ لُطْفَ الأفكارِ والأذهانِ
وجَرَتْ في الأنام أوْلادُهُ السّ
تّةُ مجْرى الأرْواحِ في الأبْدانِ
فهُمُ السّبْعَةُ الطّوالعُ والأصْ
غَرُ منهمْ في رُتْبَةِ الزِّبْرقانِ
وبِهِمْ فَضَّلَ المَلِيكُ بَني حَوّا
ءَ حتى سَمَوْا على الحَيَوانِ
شَرُفوا بالشِّرافِ والسُّمْرُ عِيدا
نٌ إذا لم يُزَنّ بالخِرْصانِ
وإذا الأرضُ وهيَ غَبراءُ صارتْ
من دَمِ الطّعْنِ وَرْدَةً كالدّهانِ
أقْبَلوا حامِلي الجَداوِلِ في الأغْ
مادِ مُسْتَلْئِمينَ بالغُدْرانِ
يَضْرِبون الأقْرانَ ضَرْباً يُعيدُ السْ
سَعْدَ نحْساً في حُكْمِ كلّ قِرانِ
وَجَلَوْا غَمْرَةَ الوَغَى بوُجوهٍ
حَسُنَتْ فهْيَ مَعْدِنُ الإحسانِ
قد أجَبْنَا قَوْلَ الشّريفِ بقوْلٍ
وأثَبْنَا الحَصَى عنِ المَرْجانِ
أطْرَبَتْنا ألْفاظُهُ طَرَبَ ال
عُشّاقِ للمُسْمِعاتِ بالألْحانِ
فاغْتَبَقْنا بيْضَاءَ كالفِضّةِ المَحْ
ضِ وعِفْنا حَمْراءَ كالأرْجُوانِ
لو أنّا جُزْنَا إلى شُرْبِها النّهْ
يَ عُنينا بِكُلّ أصْهَبَ عانِ
وهَجَرْنا شُرْبَ الكؤوسِ احْتقاراً
وشَرِبْنا مَسَرّةً بالدّنَانِ
أيّها الدُّرّ إنّما فِضْتَ مِن بَحْ
رٍ مُخَلّى الطريقِ للجَرَيانِ
ما امرُؤ القَيسِ بالمُصَلّي إذا جا
راهُ في الشعر بل سُكَيْتُ الرّهانِ
فاقْتَنِعْ بالرّوِيّ والوَزْنِ منّي
فهُمومي ثقِيلَةُ الأوْزانِ
من صُروفٍ ملَكنَ فكري ونُطْقي
فهْيَ قَيْدُ الفؤاد قَيْدُ اللّسانِ
يا أبا إبراهيم قَصّرَ عنكَ الشّعْ
رُ لمّا وُصِفْتَ بالقُرآنِ
أُشْرِبَ العالَمونَ حُبّكَ طَبْعاً
فهْوَ فَرْضٌ في سائرِ الأدْيانِ
بَانَ للمُسْلِمِينَ منكَ اعْتقادٌ
ظَفِرُوا مِنه بالهُدى والبَيانِ
وحُدودُ الإيمانِ يَقْبِسُها مِنْ
كَ ويَمْتاحُها أُولُو الإيمانِ
ومُحَيّاكَ للّذي يَعْبُدُ الدّهْ
رَ وإهْباءُ طِرْفِكَ الفَتَيَانِ
وإلهُ المَجُوسِ سَيْفُكَ إنْ لم
يَرْغَبوا عنْ عبادة النّيرانِ
حَلَباً حَجّتِ المَطِيُّ ولو أنْ
جَمْتَ عنها مالَتْ إلى حَرّانِ
صَلِيَتْ جَمْرَةَ الهَجِيرِ نهاراً
ثُمّ باتتْ تَغَصّ بالصِّلْيَانِ
أرْزَمَتْ ناقتايَ شَوْقاً فظَنّ الرّكْ
بُ أنّي سَرَى بيَ المِرْزَمانِ
عِش فداءٌ لوَجهكَ القَمَرانِ
فهُما في سَناهُ مُسْتَصْغَرانِ
قصيدة عللاني فإن بيض الأماني لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 62 بيت شعري .
هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.
ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.
المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي
أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.
ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.
كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.
وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"
وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"
عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.
وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".
المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري
إِذا ما جُدَّ كَلبٌ وَهُوَ أَعمى تَصَيَّدَ رَبَّةَ الطَرفِ الكَحيلِ مَتى تَقِفِ ...
الناسُ أَكثَرُ مِمّا أَنتَ مُلتَمِسٌ إِن لَم يُوازِركَ هَذا المُستَعانُ فَذا وَم ...
ما لُمتُ في أَفعالِهِ صالِحاً بَل خِلتُهُ أَحسَنَ مِنّي ضَمير يا قَومِ لَو كُنتُ ...
زَعَموا بِأَنَّهُمُ صَفَوا لِمَليكِهِم كَذَبوكَ ما صافَوا وَلَكِن صافوا شَجَرُ ا ...
لا تَأنَفَنَّ مِن اِحتِرافِكَ طالِباً حِلّاً وَعَدِّ مَكاسِبَ الفُجّارِ فَالمَجد ...
الدَهرُ لا تَبقى عَلَيهِ نَعامَةٌ سَهلاً تَحُلُّ وَتَتَّقي أَجرالَها وَوَرى لَها ...