قَد أَصبَحَت وَنُعاتُها نُعّاتُها
وَكَذَلِكَ الدُنيا تَخيبُ سُعاتُها
كَرّارَةٌ أَحزانُها ضَرّارَةٌ
سُكّانَها مَرّارَةٌ ساعاتُها
نامَت دُعاةُ الدَولَتَينِ فَضاعَتا
وَهِيَ المَنِيَّةُ لا تَخيبُ دُعاتُها
ذَرها وَتِلكَ نَصيحَةٌ مَعروفَةٌ
عَظُمَت مَنافِعُها وَقَلَّ وُعاتُها
لا تَتبَعَنَّ الغانِياتِ مُماشِياً
إِنَّ الغَوانِيَ جَمَّةٌ تَبِعاتُها
وَإِذا اِطَّلَعنَ مِنَ المَناظِرِ فَالهُدى
أَن لا تَراكَ الدَهرَ مُطَّلِعاتُها
وَاِحذَر مَقالَ الناسِ إِنَّكَ بَينَها
سِرحانُ ضَأنٍ حينَ غابَ رُعاتُها
وَدَعِ القِراءَةَ إِن ظَنَنتَ جَهيرَها
ذَكَرَت بِهِ الحاجاتِ مُستَمِعاتُها
فَالصَوتُ هَدرُ الفَحلِ تُؤنَسُ رِكزَهُ
أُلّافُهُ فَتُجيبُ مُمتَنِعاتُها
أَولى مِنَ البيضِ الأَوانِسِ بِالعُلى
قُلُصٌ تَجوبُ اللَيلَ مُدَّرَعاتُها
جُمِعَت جُسومٌ مِن غَرائِزَ أَربَعٍ
وَتَفَرَّقَت مِن بَعدُ مُجتَمَعاتُها
وَهِيَ النُفوسُ إِذا تُمَيِّزُ بَينَها
فَأَعَزُّها في العَيشِ مُقتَنِعاتُها
وَمَتى طَرَدتَ أُمورَها بِقِياسِها
فَأَحَقُّها بِمَذَلَّةٍ طَمِعاتُها
وَكَأَنَ آمالَ الفَتى وَحُتوفَهُ
فِئَتانِ تَهزَأُ مِنهُ مُصطَرِعاتُها
أَوقاتُ عاجِلَةٍ كَأَنَّ مُضِيَّها
وَمضُ البُروقِ خَواطِفاً لَمَعاتُها
وَيُخالِفُ الأَيّامَ حُكمٌ واقِعٌ
فيها وَمِثلُ سُبوتِها جُمُعاتُها
كَم أوقِدَت لِشُموعِها صُبحِيَّةٌ
في اللَيلِ ثُمَّتَ أُطفِئَت شَمَعاتُها
فَمَتى يُنَبَّهُ مِن رُقادٍ مُهلِكٍ
مَن قَد أَضَرَّ بِعَينِهِ هَجَعاتُها
وَتَرادَفَت هَذي الجُدوبُ وَلَم تَلُح
غَرّاءُ تَبغي الرَوضَ مُنتَجِعاتُها
وَكَأَنَّ تَسبيحاً هَديلُ حَمامَةٍ
في مَجدِ رَبِّكَ أُلِّفَت سَجَعاتُها
مَن يَغتَبِط بِمَعيشَةٍ فَأَمامَهُ
نُوَبٌ تُطيلُ عَناءَهُ فَجَعاتُها
وَإِذا رَجَعتَ إِلى النُهى فَذَواهِبُ
الأَيّامِ غَيرَ مُؤَمَّلٍ رَجَعاتُها
تَهوى السَلامَةَ وَالقُبورُ مَضاجِعٌ
سَلَبَت عَنِ اليَقَظاتِ مُضطَجِعاتُها
دُنياكَ مُشبِهَةُ السَرابِ فَلا تَزُل
بِرَزينِ حِلمِكَ موشِكاً خُدَعاتُها
رَقشاءُ فيها لَيلُها وَنَهارُها
تِلكَ الضَئيلَةُ شَأنَها لَسَعاتُها
وَتَرِثُّ أَغراضُ الشَبابِ وَيَنطَوي
إِبّانُها فَتَنيبُ مُرتَدَعاتُها
وَيُنَهِنِهُ الرَجُلُ الحَصيفُ بِسِنِّهِ
أَوطارَهُ فَتَضيقُ مُتَّسِعاتُها
وَتَقارَعَت شوسُ الخُطوبِ فَكُشِّفَت
عَن مَهلَكِ الحَيوانِ مُقتَرَعاتُها
تَستَعذِبُ المُهجاتُ وِردَ بَقائِها
فَتَلَذُّهُ وَتُغِصُّها جُرُعاتُها
وَتَظَلُّ حَبّاتُ القُلوبِ زَرائِعاً
كَالأَرضِ وَالصَهَواتُ مُزدَرَعاتُها
إِن كانَ قَد عَتَمَ الظَلامُ فَطالَما
مَتَعَ النَهارُ فَما وَنَت مُتُعاتُها
نُظِمَت قَصائِدُ مِن أَذى مَثُلاتُها
أَمثالُها فاتَتكَ مُنتَزَعاتُها
وَتُعينُ أَسبابَ الحَياةِ وَيَنتَهي
أَمَدٌ لَها فَتَخونُ مُنقَطَعاتُها
فَاِخفِض حَديثَكَ لِلمُحَدِّثِ جاهِداً
فَذَميمَةُ الأَصواتِ مُرتَفَعاتُها
مُهَجٌ تَخافُ مِنَ الرَدى وَلَعَلَّهُ
إِن جاءَ تَأمَنُ صَولَةً هَلِعاتُها
أَو ماتَفيقُ مِنَ الغَرامِ بِفارِكٍ
مَشهورَةٍ مَعَ غَيرِنا وَقَعاتُها
نَفسٌ تُرَقِّعُ أَمرَها حَتّى إِذا
أَجَلٌ تَوَرَّدَ أُعجِزَت رُقُعاتُها
وَتَرى الصَلاةَ عَلى الغَوِيِّ ثَقيلَةً
مِثلَ الهِضابِ تَؤودُهُ رَكَعاتُها
وَتُضِلُّ أَفعالُ الشُرورِ جُناتَها
وَتَفوزُ بِالخَيراتِ مُصطَنِعاتُها
وَمَحاسِنُ الدُوَل الَّتي غُرَّت بِها
حالَت فَقَبلَ حِسانُها شَنِعاتُها
وَالنارُ إِن قَرَّبَت كَفَّكَ مَرَّةً
مِنها ثَنَت عَن قَبضِها لَذَعاتُها
وَلَعَلَّ عَكساً في اللَيالي كائِنٌ
فَتَعودَ في الشَرَقاتِ مُتَّضِعاتُها
قصيدة قد أصبحت ونعاتها نعاتها لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 42 بيت شعري .
هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.
ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.
المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي
أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.
ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.
كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.
وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"
وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"
عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.
وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".
المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري
نَقمتُ الرّضَى حتى على ضاحكِ المُزْنِ فلا جادَني إلا عَبوسٌ منَ الدَّجنِ فَلَيتَ ...
إِذا ما غَضوبٌ غاضَبَت كُلَّ رَيبَةٍ وَكانَت لَميسٌ لا تَقِرُّ عَلى اللَمسِ فَقَ ...
لَقَد رَكَزوا الأَرماحَ غَيرَ حَميدَةٍ فَبُعداً لِخَيلٍ في الوَغى لَم تُطارِدِ ت ...
دَعي وَذَري الأَقدارَ تَمضي لِشَأنِها فَلَم تَحمِ مُلكاً لا دِمَشقُ وَلا مِصرُ و ...
أَيَسجُنُني رَبُّ العُلا مُنصِفٌ وَإِن تُقنَ راحٌ فَهيَ لا رَيبَ تُبزَلُ فَيا عَ ...
تَنَكَّرَ صالِحٌ فَضَبابُ قَيسٍ ضَبابٌ يَتَّقينَ مِن اِحتِراشِ فَقَد ظَعَنوا وَم ...