لا وَضْعَ للرّحلِ إلاّ بعْدَ إيضَاعِ
فكيفَ شاهَدْتِ إمضائي وإزْماعي
يا ناقُ جِدّي فقدْ أفنَتْ أناتُكِ بي
صَبري وعُمري وأحلاسي وأنساعي
إذا رأيْتِ سَوادَ الليلِ فانصَلِتي
وإنْ رأيتِ بياضَ الصّبْحِ فانصاعي
ولا يَهُولَنْكِ سيْفٌ للصّباحِ بدا
فإنّه للهَوادي غيرُ قَطّاعِ
إلى الرّئيسِ الذي إسْفارُ طَلْعَتِه
في حِنْدِسِ الخَطْبِ ساعٍ بالهُدى شاعِ
يَمّمْتُه وبودّي أنني قَلَمٌ
أسعى إليه ورأسي تحتيَ السّاعي
على نجاةٍ مِن الفِرْصَادِ أيّدَهَا
رَبُّ القَدُومِ بأوْصالٍ وأضلاعِ
تُطلى بِقارٍ ولم تَجْرَبْ كأن طُلِيَتْ
بسائلٍ من ذَفاري العِيسِ مُنْباعِ
ولا تُبالي بمَحْلٍ إنْ ألَمّ بها
ولا تَهَشّ لإخْصابٍ وإمْراعِ
سارتْ فزارتْ بنا الأنبارَ سالمةً
تُزْجَى وتُدْفَعُ في مَوْجٍ ودُفّاعِ
والقادسيّةُ أدّتْها إلى نَفَرٍ
طافوا بها فأناخوها بجَعْجاعِ
ورُبّ ظُهْرٍ وَصَلْناها على عَجَلٍ
بعَصْرِها في بَعيدِ الوِرْدِ لَمّاعِ
بضَرْبَتَينِ لطُهْرِ الوَجهِ واحِدةٌ
وللذّراعينِ أُخرى ذاتُ إسراعِ
وكم قَصَرْنا صَلاةً غيرُ نافِلةٍ
في مَهْمَهٍ كَصَلاة الكَسْفِ شَعشاعِ
وما جَهَرْنا ولم يَصْدَحْ مُؤذّنُنا
من خوْفِ كلّ طويلِ الرّمحِ خَدّاعِ
في مَعْشَرٍ كجِمارِ الرّمْيِ أجمعُها
ليْلاً وفي الصّبْحِ أُلْقيها إلى القاعِ
يا حبّذا البدْوُ حيثُ الضّبّ محْتَرَشٌ
ومَنزِلٌ بينَ أجْراعٍ وأجْزاعِ
وغَسْلُ طِمْريَ سَبْعاً من مُعاشَرَتي
في البِيدِ كلَّ شجاعِ القلبِ شَرّاعِ
وبالعِراقِ رجالٌ قُرْبُهمْ شَرَفٌ
هاجرْتُ في حبّهِمْ رَهْطي وأشياعي
على سِنِينَ تَقَضّتْ عند غيرِهِمِ
أسِفْتُ لا بلْ على الأيّام والسّاعِ
اسْمعْ أبا حامدٍ فُتْيا قُصِدتَ بها
مِن زائِرٍ لجَمِيلِ الوُدّ مُبْتَاعِ
مُؤدَّبِ النفْسِ أكّالٍ على سَغَبٍ
لَحْمَ النّوائبِ شَرّابٍ بأنْقاعِ
أرْضى وأُنْصِفُ إلاّ أنّني رُبَمَا
أرْبَيْتُ غيرَ مُجيزٍ خَرْقَ إجْماعِ
وذاكَ أنّيَ أُعطي الوَسْقَ مُنْتَحِياً
مِنَ المَوَدّةِ مُعْطي الوُدّ بالصّاعِ
ولا أَثَقِّلُ في جاهٍ ولا نَشَبٍ
ولو غَدَوْتُ أخَا عُدْمٍ وإدْقاعِ
مَن قال صادِقْ لِئامَ الناسِ قلتُ له
قوْلَ ابنِ أسلَت قد أبلَغتِ أسْماعي
كأنّ كلّ جَوَابٍ أنتَ ذاكِرُهُ
شَنْفٌ يُناطُ بأُذْنِ السامِعِ الواعي
إنّ الهَدايا كَراماتٌ لآخِذِها
إنْ كُنّ لَسْنَ لإسْرافٍ وأطْماعِ
ولا هَدِيّةَ عِنْدي غيرُ ما حَمَلَتْ
عن المُسيَّبِ أرْواحٌ لقَعْقاعِ
ولم أكُنْ ورَسولي حينَ أُرْسِلُهُ
مثْلَ الفَرَزْدَقِ في إرْسالِ وَقّاعِ
مَطِيّتي في مكانٍ لسْتُ آمَنُهُ
على المَطايا وسِرْحانٌ له راعِ
فارْفَعْ بكَفّي فإنّي طائشٌ قدَمي
وامْدُدْ بضَبْعي فإني ضَيّقٌ باعي
وما يكُنْ فلكَ الحمْدُ الجميلُ به
وإن أُضِيعَتْ فإنّي شاكرٌ داعِ
قصيدة لا وضع للرحل إلا بعد إيضاع لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 33 بيت شعري .
هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.
ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.
المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي
أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.
ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.
كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.
وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"
وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"
عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.
وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".
المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري
غَدَت هَذي الحَوافِلُ راتِعاتٍ وَما جادَت لَنا بِقَليلِ رِسلِ لَقَد دَرِنَت بِيَ ...
إِتبَع طَريقاً لِلهُدى لاحِباً وَخَلِّ آثاراً بِمَلحوبِ أُفٍّ لِدُنيايَ فَإِنّي ...
أَرمى وَجَدِّكَ مِن رامي بَني ثُعَلٍ حَتفٌ لَدَيهِ إِزاءُ الحَوضِ وَالعُقُرُ يَغ ...
تَرومُ شِفاءَ ما الأَقوامُ فيهِ رُوَيدَكَ إِنَّ داءَ القَومِ أَعيا فَحاذِر عَقرَ ...
ما الخَيرُ صَومٌ يَذوبُ الصائِمونَ لَهُ وَلا صَلاةٌ وَلا صوفٌ عَلى الجَسَدِ إِنّ ...
لا رَيبَ أَنَّ اللَهَ حَقٌّ فَلتَعُد بِاللَومِ أَنفُسُكُم عَلى مُرتابِها وَغَدَت ...