مَعانٌ مِن أحِبّتِنَا مَعَانُ
تُجِيبُ الصاهِلاتِ به القِيانُ
وقفْتُ به لصَوْنِ الوُدّ حتى
أذَلْتُ دموعَ جَفْنٍ ما تُصانُ
ولاحَتْ مِن بُرُوجِ البَدرِ بُعْداً
بُدورُ مَهاً تَبَرّجُها اكْتِنانُ
فلو سمَحَ الزّمانُ بها لضَنّتْ
ولو سَمَحَتْ لضَنّ بها الزّمانُ
رُزِقْنَ تَمَكنّاً مِن كلّ قلْبٍ
فليسَ لغيرِهِنّ به مَكانُ
وفَيْتُ وقد جُزِيتُ بِمِثْلِ فِعْلي
فها أنا لا أخُونُ ولا أُخانُ
وعيشَتي الشّبابُ وليسَ منها
صِبايَ ولا ذَوائِبيَ الهِجانُ
وكالنّارِ الحَيَاةُ فمِنْ رَمادٍ
أواخِرُهَا وأوّلُها دُخانُ
إلامَ وفيمَ تَنْقُلُنا رِكابٌ
وتأمُلُ أن يكُونَ لنا أوَان
فنَجْزِيهَا على الحُسنى وأهْلٌ
لما ظَنّتْ خَلائقُك الحِسانُ
وكانَتْ كالنّخِيلِ فظَلّ كلّ
ومُشْبِهُه من الضُّمْرِ الإهانُ
تخَيّلتِ الصّبَاحَ مَعِينَ مَاءٍ
فما صَدَقَتْ ولا كذَبَ العِيانُ
فكاد الفَجْرُ تَشْرَبُه المَطَايا
وتُمْلأ منه أسْقِيهٌ شِنانُ
وقد دَقّتْ هَوادِيهِنّ حتى
كأنّ رقابَهُنّ الخَيْزرانُ
إذا شربَتْ رأيْتَ الماءَ فِيها
أُزَيْرِقَ ليس يَسْتُرُهُ الجِرَانُ
ستَرْجِعُ عنكَ وهْيَ أعَزّ إبْلٍ
إذا إبِلٌ أضَرّ بها امْتِهانُ
لها فَرَحاً فُوَيْقَ الأرضِ أرْضٌ
ومِن تحْتِ اللُّجَينِ لها لِجانُ
تَرَى ما نالت الأضْيافُ نَزْراً
ولو مُلِئَتْ من الذّهَبِ الجِفانُ
ويُطلَبُ منكَ ما هوَ فيكَ طبْعٌ
ومَطْلُوبٌ من اللّسِنِ البَيانُ
ومُمْتحِنٍ لقاءكَ وهو موْتٌ
وهل يُنْبي عن المَوْتِ امْتِحانُ
ومُضْطَغِنٍ عليكَ وليس يُجْدي
ولا يُعْدي على الشمس اضْطِغانُ
ورُبّ مُساتِرٍ بهَوَاكَ عَزّتْ
سَرائرُه وكُلُّ هوىً هَوَانُ
أحَبّكَ في ضَمائِرِهِ ونادى
ليُعْلِنَها وقد فاتَ العِلانُ
وَصَلّى ثُمّ أذّنَ مُسْتقِيلاً
وقَبْلَ صَلاتِهِ وَجَبَ الأذانُ
تَضَمّنُ منْكَ ذي الدنيا مَليكاً
عليه لكلّ مَكْرُمَةٍ ضَمانُ
كأنّ بحارَها الحيوانُ فيها
وقُرْبُكَ خُلْدُها وهْيَ الجِنانُ
وتُعْذَلُ حينَ لم تُجْنَنْ سُرُوراً
وتُعْذَرُ حيثُ ليس لها جَنَانُ
ولو طَرِبَ الجَمادُ لكَانَ أوْلى
شُرُوبِ الرّاحِ بالطّرَبِ الدّنانُ
ولمّا دالَتِ العَرَبُ اغْتِصَاباً
وأضْحَتْ جُلُّ طاعتِها دِهانُ
وعادتْ جاهِلِيَتُها إليها
فصارتْ لا تَدينُ ولا تُدانُ
سَطَوْتَ ففي وَظيفِ الصّعْبِ قيْدٌ
بذاكَ وفي وَتيرَتِهِ عِرانُ
وقد يَنْمي كبيرٌ مِن صَغِيرٍ
ويَنْبُتُ من نَوَى القَسْبِ اللِّيانُ
وعَنّتْ في سَماءِ بَني عَدِيٍّ
نُجُومٌ ما يُغَبّيها عَنانُ
فما عَبَدَتْ سِوَى الرّحمن رَبّاً
إذِ المعْبودُ نَسْرٌ والمُدانُ
إذا البِرْجِيسُ والمِرّيخُ رامَا
سِوَى ما رُمتَ خانهُما الكِيانُ
هُما العَبْدانِ إنْ بَغَياكَ غَدْراً
فما فَعَلا إبَاقٌ أو دِفانُ
تُقارِنُ بين أشْتاتِ المَنايا
بضَرْبٍ ليس يُحْسِنُه قِرانُ
ولولا قوْلُكَ الخَلاّقُ رَبّي
لكان لنَا بطَلْعَتكَ افْتِتَانُ
تَخُبّ بكَ الجيادُ كأنّ جَوْناً
على لَبّاتِهِنّ الأرْجُوانُ
مُضَمَّرَةً كأنّ الحِجْرَ منها
اذاما آنَسَتْ فَزَعاً حِصانُ
بَناتُ الخَيْلِ تَعْرِفُها دَلوكٌ
وصارخَةٌ وآلِسُ واللُّقانُ
كأنّ قَطاةَ أعْجَزِهَا قَطاةٌ
أُديفَ بمَحْجِرَيها الزّعْفرانُ
كأنّ جَناحَها قلْبُ المُعادي
وَلِيَّكَ كلّما اعْتَكَرَ الجَنانُ
مُعِيدٌ مُبْدِئٌ فالأمّ ممّا
فعَلْتَ البِكْرُ وابْنَتُها العَوانُ
وكائنْ قد وَرَدْتَ بها غَدِيراً
ولِلْمُهُجاتِ بالرّيّ ارْتِهَانُ
به غَرْقَى النّجُومِ فبيْنَ طافٍ
ورَاسٍ يَسْتَسِرّ ويُسْتَبانُ
أجَدَّ به غَواني الجِنّ لَعْباً
فأعْجَلَها الصّبَاحُ وفيه جانُ
فَصِيمٌ نِصْفُهُ في الماء بادٍ
ونِصْفٌ في السّماء به تُزانُ
كأنّ اللّيلَ حارَبَها ففِيهِ
هِلالٌ مِثْل ما انعَطَفَ السّنانُ
ومِن أُمّ النّجُومِ عليه دِرْعٌ
يُحاذِرُ أن يُمَزّقَها الطّعَانُ
وقد بَسَطَتْ إلى الغَرْبِ الثرَيّا
يداً غُلقَتْ بأنْمُلِهَا الرّهانُ
كأنّ يَمِينَها سَرَقَتْكَ شيئاً
ومَقْطوعٌ على السَّرَقِ البَنانُ
إذا ضُرِبَتْ خِيامُكَ في مَكانٍ
فذلك حيثُ يُلتَقَطُ الجُمانُ
وتَدّخِرُ الكَواعِبُ من حَصاهُ
وحُقّ لها ادّخارٌ واخْتِزَانُ
كِلا كفّيْكَ في سَلْمٍ وحَرْبٍ
يكُونُ الخوْفُ مِنها والأمانُ
فليس بشاغِلِ اليُمْنى حُسامٌ
وليس بشاغِلِ اليُسْرَى عِنانُ
فكُنْ في كلّ نائِبَةٍ جَريئاً
تُصِبْ في الرّأيِ إن خُطِئَ الهِدانُ
وَسائلْ من تَنَطّسَ في التّوَقّي
لأيّةِ عِلّةٍ ماتَ الجَبان
فإنَّ تعاوُنَ الأمْلاكِ جَهْلٌ
على مَلِكٍ بخالِقِهِ يُعانُ
يُعَبِّرُ سَيْفُه لفْظَ المَنايا
كما شَرَحَ الكلامَ التّرْجُمانُ
ويَسْلُكُ رُمْحُه في كلّ باغٍ
كما سَلَكَ المَضِيقَ الأُفْعُوانُ
ويُكْنَى باسْمِهِ عن كلّ مجْدٍ
وكلُّ اسْمٍ كِنايَتُهُ فُلانُ
ويُعْدَمُ عنْدَه في الجودِ مَطْلٌ
ومُعْدُومٌ مع العِتْقِ الحِرَانُ
إذا سَمَيْتَهُ في أرْضِ جَدْبٍ
نَزَلْتَ وكلُّ رابيَةٍ خِوانُ
تَطاوَلَتِ الوِهادُ هوىً وشوْقاً
إليه كما تَقَاصَرَتِ الرِّعانُ
ستَفْديكَ المكارِمُ راضِياتٍ
وما مِنها بفِدْيتِكَ امْتِنانُ
إذا صَالَتْ فأنْتَ لها يَمِينٌ
وإنْ نَطَقَتْ فأنتَ لها لِسانُ
قصيدة معان من أحبتنا معان لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 67 بيت شعري .
هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.
ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.
المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي
أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.
ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.
كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.
وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"
وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"
عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.
وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".
المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري
سَأَلتُ عَنِ الأَجيالِ في كُلِّ بُرهَةٍ فَكانوا فَريقاً سارَ إِثرَ فَريقِ كَأَنّ ...
رَأى الأَقوامُ دُنياهُم عَروساً وَما لِقيَتهُمُ إِلّا بِغَولِ مَتّى أَنا راحِلٌ ...
لَأَمواهُ الشَبيبَةِ كَيفَ غِضنَه وَرَوضاتُ الصِبا كَاليَبسِ إِضنَه وَآمالُ النُ ...
يا حَصانَ النِساءِ كَم فارِساً وُل دُكِ مَه إِنَّما وَلَدتِ قُبورا مَن أَرادَ ال ...
لَعَمري لَقَد طالَ هذا السَفَر عَلَيَّ وَأَصبَحتُ أَحدو النَفَر أَأَخرُجُ مِن تَ ...
يا سابِحاً يَصهَلُ في غِرَّةٍ أَينَ وَجيهُ الخَيلِ وَالذائِدُ آدى لَهُ في الدَهر ...