نَبِيٌّ مِن الغِرْبانِ ليس على شَرْعِ
يُخًبّرُنا أنّ الشُّعوبَ إلى الصَّدْعِ
أُصَدّقُهُ في مِرْيَةٍ وقد امْتَرَتْ
صَحابةُ موسى بعْدَ آياتِه التّسْعِ
كأنّ بفِيهِ كاهِناً أو مُنجِّماً
يُحَدّثُنا عمّا لَقِينا مِن الفَجْع
وما كان أفْعَى أهْلِ نَجْرَان مثْلَه
ولكنّ للإنْسِ الفضِيلةَ في السمْع
وما قامَ في عُلْيا زُغاوَة مُنْذِرٌ
فما بالُ سُحْمٍ يَنْتَجينَ إلى بُقْع
تَلاقٍ تَفَرّى عن فِراقٍ تَذَمّهُ
مَآق وتكسيرُ الصّحائحِ في الجَمْع
وشَكْلَيْن ما بَيْنَ الأثافيّ واحِدٌ
وآخَرُ مُوفٍ مِن أراكٍ على فَرْع
أتى وهْوَ طَيّاُر الجناحِ وإنْ مشى
أشاحَ بما أعْيا سَطيحاً من السّجْع
يُجيبُ سَماوِيّاتِ لَوْنٍ كأنّما
شَكِرْنَ بشَوْقٍ أو سَكِرْنَ من البِتْع
تَرَى كلَّ خَطْباءِ القَميصِ كأنّها
خَطيبٌ تنمّى في الغَضِيضِ من اليَنْع
إذا وَطِئَتْ عوداً برِجْلٍ حسِبْتَها
ثقيلةَ حِجْلٍ تَلمِسُ العودَ ذا الشِّرْع
متى ذَنّ أنْفُ البَرْدِ سِرْتُمْ فلَيْتَهُ
عَقِيبَ التّنائي كان عوقِبَ بالجَدْع
وما أوْرَقَتْ أوْتادُ دارِكَ باللِّوَى
ودارَةَ حتى أُسْقِيَتْ سَبَلَ الدمْع
ذكَرْتُ بها قِطْعاً مِن الليلِ وافياً
مَضَى كمُضِيّ السّهمِ أقصَرَ من قِطْع
وما شَبّ ناراً في تِهامةَ سامِرٌ
يدَ الدهرِ إلاّ أبَّ قلبُكَ في سَلْع
حكَتْ وهْي تُجْلى ناظرَ السبُعِ اجْتلى
مع الليلِ أكْلى والرّكابُ على سَبْع
حَمَلْتُ لها قلْبَ الجَبانِ ولم أزَلْ
شُجاعَ الهَوَى لولا رَحيلُ بَني شَجْع
وفي الحَيّ أعْرابِيّةُ الأصْلِ مَحْضَةٌ
من القوْمِ أعرابيّةُ القوْلِ بالطّبْع
وقد دَرَسَتْ نحوَ السُّرَى فهْي لَبّةٌ
بما كان من جَرّ البَعيرِ أوِ الرَّفْع
ألِفْتِ المَلا حتى تعلّمْتِ بالفَلا
رُنُوَّ الطَّلا أو صَنْعَةَ الآلِ في الخَدْع
ومَن يَتَرَقّبْ صَوْلَةَ الدهرِ يَلْقَها
وَشيكاً وهل تُرْضي الأساوِدُ بالوَكْع
إذا الضّبُعُ الشّهْباءُ حَلّتْ بساحتي
نَضَوْتُ عليها كلّ مَوّارَةِ الضّبْع
وقالَ الوليد النّبْعُ ليس بمُثْمِرٍ
وأخْطأ سِرْبُ الوَحْشِ مِن ثمَرِ النّبْع
أُوَدّعُكُمْ يا أهلَ بَغدادَ والحَشَا
على زَفَراتٍ ما يَنِينَ مِن اللّذْع
وَدَاعَ ضَنًى لم يَستَقِلَّ وإنّما
تحامَلَ من بَعْدِ العِثارِ على ظَلْع
إذا أطّ نِسْعٌ قلتُ والدّوْمُ كارِبي
أجِدّكمُ لم تفْهَموا طَرَبَ النِّسْع
فبِئْسَ البَديلُ الشأمُ مِنكمْ وأهلُه
على أنّهمْ قوْمي وبَيْنَهُمُ رَبْعي
ألا زَوِّدُوني شَرْبَةً ولو أنّني
قَدَرْتُ إذا أفنَيْتُ دِجلةَ بالجَرْع
وأنّى لنا مِن ماء دِجْلَةَ نُغْبَةٌ
على الخِمْسِ من بُعْدِ المَفاوِزِ والرِّبع
وساحِرَةِ الأطرافِ يَجْني سَرَابُها
فَتَصْلُبُ حِرْباءً بَرِيّاً على جِذْع
وما الفُصَحاءُ الصِّيدُ والبَدْوُ دارُها
بأفْصَحَ قوْلاً مِن إمائِكُمُ الوُكْع
أدَرْتُمْ مَقالاً في الجِدالِ بألسُنٍ
خُلِقْنَ فجانَبْنَ المَضَرّةَ للنّفْع
سأُعْرِضُ إنْ ناجَيْتُ من غيرِكم فتىً
وأجعَلُ زوًّ ا مِن بَنانيَ في سَمْعي
غُذيتُ النّعامَ الرّوحَ دونَ مَزارِكُمْ
وأسهَرَني زأرُ الضّراغِمَةِ الفُدْع
وما ذاد عنّي النّومَ خوفُ وُثوبِها
ولكنّ جَرْساً حالَ في أُذُنَيْ سِمْع
وكم جُبْتُ أرضاً ما انْتَعَلْتُ بمَرْوِها
وجاوَزْتُ أُخرَى ما شَددتُ لها شِسْعي
وبِتُّ بمُسْتَنّ اليَرابيعِ راقِداً
يُطَوِّفْنَ حوْلي مِن فُرادى ومن شَفْع
أبَيْتُ فلم أَطْعَمْ نَقيعَ فراقِكمْ
مُطاوَعَةً حتى غُلِبْتُ على النَّشْع
فنادَيْتُ عَنْسي من ديارِكُم هَلا
وقلتُ لسَقْبي عن حِياضِكُمُ هِدْع
صَحِبْتُ إليكمْ كلَّ أطلَسَ شاحبٍ
ينوطُ إلى هادِيهِ أبْيضَ كالرَّجْع
علَيْه لِباسُ الخُلْدِ حُسْناً ونَضْرَةً
ولم يُرْبَ إلاّ في الجَحيمِ من الصُّنْع
وأبْرَزَهُ مِن نارِهِ القيْنُ أخْضَراً
كأنْ غِيثَ فيها بالتّلَهّبِ والسَّفع
ولولا الوَغَى في الحرْبِ أسمَعَ رَبَّهُ
ألِيلَ المَنايا في المُثارِ من النَّقْع
ويأبَى ذُبابٌ أنْ يَطُورَ ذُبابَهُ
ولو ذابَ مِن أرْجائِهِ عَمَلُ الرُّصْع
تَلَوَّنَ للأقْرانِ في هَبَواتِه
تلَوُّنَ غولِ القَفْرِ للعاجِزِ المِجْع
تقول بَدا في سُنْدُسٍ أو مُوَرَّدٍ
من اللِّبْسِ أو عَصْبٍ يَرُوقُكَ أو نصْع
يدِرّ به خِلْفُ المَنونِ دمَ الطُّلى
ويَكْبُرُ عن فَطْرِ الوَلائِدِ والرَّضْع
فيا لكَ مِنْ أمْنٍ تَقَلّدَهُ الفتى
وباتَ به الأعداءُ في خِطّةٍ بِدْع
ولمّا ضَرَبْنا قَوْنَسَ الليلِ من عَلٍ
تَسَرّى بنَضْخِ الزّعْفَرانِ أوِ الرَّدْع
كأنّ الدّجى نُوقٌ عَرِقْنَ مِن الوَنَى
وأنْجُمُها فيها قلائِدُ مِن وَدْع
لبِسْتُ حِداداً بعْدكمْ كلَّ ليلةٍ
من الدُّهْمِ لا الغُرّ الحِسانِ ولا الدُّرْع
أظُنّ الليالي وهْيَ خُونٌ غَوَادِرٌ
بِرَدّي إلى بَغدادَ ضَيّقَةَ الذَّرْع
وكان اختِياري أنْ أموتَ لَدَيْكُمُ
حَميداً فما ألْفَيْتُ ذلكَ في الوُسْع
فليْتَ حِمامي حُمّ لي في بلادِكُمْ
وجالَتْ رِمامي في رِياحِكمُ المِسْع
ولَيْتَ قِلاصاً مِلْعِراقِ خَلَعْنَني
جُعِلْنَ ولم يَفْعَلْنَ ذاكَ من الخَلْع
فدُونكُمُ خَفْضَ الحياةِ فإنّنا
نصَبْنا المَطايا بالفَلاةِ على القَطْع
تعَجّلْتُ إنْ لم أثْنِ جُهْدي عليكُمُ
سَحابَ الرّزايا وهي صائِبَةُ الوَقْع
قصيدة نبي من الغربان ليس على شرع لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 57 بيت شعري .
هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.
ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.
المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي
أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.
ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.
كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.
وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"
وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"
عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.
وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".
المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري
إِن شِئتَ كُلَّ الخَيرِ يُجمَعُ في الأولى فَبِت كَالصارِمِ الفَرَدِ ماذا يَروقُ ...
وَالأَمرُ يُدرَكُ عَن قَدرٍ فَكَم خَطِئَت نَبلُ المَكيثِ وَصابَ الأَخرَقُ العَجِ ...
يا مُشرِعَ الرُمحِ في تَثبيتِ مَملَكَةٍ خَيرٌ مِنَ المارِنِ الخَطِيِّ مِسباحُ يَ ...
عَلِمَ الإِمامُ وَلا أَقولُ بِظَنِّهِ إِنَّ الدُعاةَ بِسَعيِها تَتَكَسَّبُ هَذا ...
نعشى عن الأمر حتى يعلو ابن ردى
نَعشى عَنِ الأَمرِ حَتّى يَعلو اِبنُ رَدىً نَعشاً تَبارَكَ رَبُّ العالَمِ العالي ...
العِلمُ كَالقُفلِ إِن أَلفَيتَهُ عَسِراً فَخَلِّهِ ثُمَّ عاوَدَهُ لِيَنفَتِحا وَ ...