هم الفوارس بات في أدرعها
لـ


قصيدة هم الفوارس بات في أدرعها

هَمُّ الفَوارِسِ باتَ في أدْرُعِهَا

لِغَداةِ نَجْدَتِها ويوْمِ قِراعِها

مِن كلّ سابِغَةِ الذّيولِ كأنّها

نِهْيٌ تُصَفِّقُهُ الرّياحُ بِقاعِها

سالتْ على العاري وهالتْ وانطوَتْ

لِيناً فكالَتْها الفتاةُ بصاعِها

آلِيّةٌ ليستْ تَغُرّ سِوى القَنا

والمُرْهَفاتِ بمَكْرِها وخِداعِها

وكأنّما رُعْبُ السّيولِ تَسَرَّعَتْ

فمَضَتْ وقَرَّ الصَّفْوُ من دَفّاعها

سَبْرِيَّةٌ في مَسّها بَحْرِيَّةٌ

بمياهِها شَمْسِيّةٌ بشُعاعِها

وتَخالُ أغراسَ المَنونِ أتَتْ بها

عندَ الحَوادثِ أُمّهاتُ رِباعِها

ويَرى ابنُ دَأْيَةَ أنَّها من غِرْقِئِ الطْ

طَيرِالعَكوفِ مُلوكِها وسِباعِها

جُمِعَت لَدَ الأوكارِمِثلَ عَقَائِقِ ال

أبْناء تجْمعُها ذَواتُ رَضاعها

أمْنُ الفَتى من عِندِ مَعْقِدِ زِرّهِ

حتى على القَدَمَيْنِ رَيْعُ وَساعها

بل تَحْسَبُ العَنقاءَ أوْ بِنْتاً لها

نَبَذَتْ بها في الوَكْنِ يوْمَ رِجاعها

وتَوَهَّمُ الشُّجْعانَ وافَتْ ضالةً

واستَخرجَتْ منها قميصَ شُجاعها

أطْمارَ صِلٍّ وَقَّرَتْهُ رَكَانَةٌ

أنْ يُزْدَهى بصَباً ولا زَعْزَاعِها

وُزِنَتْ بخالِصِ عَسجَد لا فِضّةٍ

حَقّاً لبائِعِها على مُبْتاعِها

خَلَعَتْ عليه أُمُّ عُثمانٍ ولم

تَبْخَلْ بحلّتِها ولا بقِناعِها

أخَذَتْ من المِرّيخِ وَقْدَةَ شِرّةٍ

إذْ ناسَبَتْ زُحَلاً ببَرْدِ طِباعِها

كانتْ زَمانَ الجاهِلِيّةِ عُدّةً

ليَغُوثِها ويَعُوقِها وسُواعها

غَبَرَتْ لتُبّعِ الهُمامِ ورأيُه

أنّ البقاءَ يَكونُ من أتْباعِها

ما عَزّتِ العُزّى بها ولوَ أنّها

لِلاتِ ما افتَقَرَتْ إلى أشياعها

لو خُلّيَتْ وذَنوبَ ماءٍ سائلٍ

في مِذْنَبٍ سَبَقَتْهُ من إسْراعِها

مَجّتْ على الأرضِ الغَزالَةُ ريقَها

فأقامَ بينَ وُهودِها وتِلاعِها

غَرّتْ قَطا مَرّانَ حتى عادَها

طَمَعاً وحَتْفُ النّفْسِ في أطماعها

لا يَخْلُبَنَّكَ بارِقٌ مُتَلَمِّعٌ

إنّ البُروقَ تَخونُ في تَلْماعِها

من ساعةِ الطوفانِ أو فيْضٍ طَغى

فعَلا قُرى سَبَإٍ مَوَالِدُ ساعِها

مَن قَيْنُها إنّا جَهِلْنا عَصْرَه

سُبْحانَ بارِئِ قَيْنِها وصَناعِها

ضاهى بها أُفُقَ السماء فما لها

لا تَسْتَقِلّ كطَرْفِها وذِراعِها

ماوِيّةٌ تَهْوي هُوِيّ الماءِ من

دَهْماءَ تُهْدي عَذْبَهُ لبِقاعها

ترْنو بأبْصارٍ سَواهِدَ لم تَذُقْ

طَعْماً لمَسْهَدِها ولا تَهْجاعها

غَرِقَ الدَّبَى في لُجّةٍ لو نَمْلَةٌ

درَجتْ بها لم يَنْدَ بعضُ كُراعها

تُلْفى لها ثِقَةُ الحَمائمِ أنها

في مَرْبَعٍ فتَهيجُ في تَسْجاعها

قَلَعِيّةٌ وكأنّ مَشْتى الأزْدِ في

أرضِ السَّراة سَخَا بها لقَلاعها

بَيضاءُ مِن مَطَرِ الشّتاء ولم نَقُلْ

مِن صَيّفٍ والقرُّ مِلْءُ لِفاعها

مَنَعَتْ بعزّةِ رَبّها ودِفاعِهِ

لَسْنا نَقول لعِزّها ودِفاعها

وتَحُلّ بالوادي الجديبِ كأنّها

مَيْثاءُ جَدَّ الغَيْثُ في إمْراعها

واستَوْدَعَ الحُكَماءُ فيها حِكْمَةً

قَدُمَتْ فخافوا مِن حُدوثِ ضَياعها

غَبَروا فأضْحتْ بالثّناءِ كَفيلةً

فمتى بَدَتْ أثْنَتْ على صُنَّاعها

ماذِيّةٌ أبَتِ الجوارسُ قُرْبَها

لكِنْ قَوارِسُ فُلّلَتْ بوِقاعها

ضَرَبِيّةٌ وكأنّما هيَ في الوَغى

ثِقَلٌ على الأسْيافِ عند مِصاعها

يَزَنِيّةُ الخِرْصانِ لا هُذَلِيّةُ ال

أخْراصِ يَغْدو سائرٌ بمَتاعها

مَرّتْ بيَثْرِبَ في السّنينَ فحاوَلَتْ

سَقْياً بها الأغمارُ مِنْ زُرّاعِها

شرح قصيدة هم الفوارس بات في أدرعها لـ أَبو العَلاء المَعَرِي

قصيدة هم الفوارس بات في أدرعها لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 40 بيت شعري .


تعريف وترجمات أَبو العَلاء المَعَرِي

هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.

ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.


المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي


أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.

ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.

كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.

وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"

وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"

عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.

وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".


المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري

مشاركة في شبكات التواصل الإجتماعي:

اقرأ أيضاً لـ أَبو العَلاء المَعَرِي


الطيلسان اشتق في لفظه

الطَيلَسانُ اِشتُقَّ في لَفظِهِ مِن طُلسَةِ المُبتَكِرِ الجامِعِ وَزيدَ ما زيدَ ...

غرك سود الشعرات التي

غَرَّكَ سودُ الشَعَراتِ الَّتي في الوَجهِ مِنّي وَأَنا الدالِفُ كَلَفَتني شيمَةَ ...

لا أشرك الجدي في در يعيش به

لا أُشرِكُ الجَديَ في دَرٍّ يَعيشُ بِهِ وَلا أَروعُ بَناتِ الوَحشِ وَالضانِ وَلا ...

لو كان لي أمر يطاوع لم يشن

لَو كانَ لي أَمرٌ يُطاوَعُ لَم يَشِن ظَهرَ الطَريقِ يَدَ الحَياةِ مُنَجِّمُ أَعم ...

إن سرور المدام لم يدم

إِنَّ سُرورَ المُدامِ لَم يَدُمِ بَل أَعقَبَت بِالهُمومِ وَالسَدمِ وَالكَأسُ مِن ...

هل يغسل الناس عن وجه الثرى مطر

هَل يَغسِلُ الناسَ عَن وَجهِ الثَرى مَطَرٌ فَما بَقوا لَم يُبارِح وَجهَهُ دَنَسُ ...