مهرت الفتاة الأحمسية نثرة
لـ


قصيدة مهرت الفتاة الأحمسية نثرة

مَهَرْتُ الفَتَاةَ الأحْمَسِيّةَ نَثْرَةً

على أنّ أَقْراني غِضابٌ أحامِسُ

بَقِيّةُ أبْدانٍ صَوافٍ كأنّما

نضَتْها السّواعي واكتَسَتْها الفوارِسُ

مَضَتْ غُبَراتُ العيْشِ وهْيَ غَوابِرٌ

على الدهرِ مَكْتوبٌ عليها حَبائِس

رأتْها العُيونُ الزُّرْقُ في كَيْدِ وائِلٍ

وعايَنَها في حَرْبِ ذُبْيان داحِس

أُجِيدَتْ بمِرّيخِيةِ النّارِ فاغْتَدَى

لها زُحَلِيٌّ في الغَرائِزِ قارِس

وَشَاها ابنُ آشى جاهداً في شَبابِه

إلى أنْ جَلَتْ عن مَفْرِقَيْهِ الحنادِس

تَرى المَرْءَ فيها يَحْمِلُ الماء جامداً

وإمّا عَلاها مِغفَرٌ فهْوَ قامس

إذا قارَبَتْها للرّماحِ ثَعالِبٌ

ضَغَتْ فتَنادى القوْم تلك الهَجارِس

رَبِيعُ حَديدٍ راعَ قَيْسٌ بمِثْلِهِ

رَبِيعاً إلى أنْ خانَ والخِلُّ جالِس

تَجيشُ لها نفْسُ المُهَنّدِ هَيْبَة

فكلُّ حُسامٍ رامَها الصّبْرَ قالِس

حَصَانٌ بَغِيٌّ ما ثَنَتْ يدَ لامِسٍ

ذَكَتْ وأحسّ القُرَّ فيها اللّوامِس

شّريعَةُ خُرْصانٍ وَبيلَةُ مَوْرِدٍ

أبَتْ شُرْبَها سُمْرُ الوَشيجِ الخَوامِس

وغَرّتْ عُيونَ الوَحْشِ فاقتَرَبَتْ لها

صَوَادٍ وباغي الوِرْدِ منهنّ لاحِس

تُقيمُ إذا لاقَتْ من الأرضِ حاجِزا

وتَجْري إذا ما رَقْرَقَتْها الأمالِس

أمَوْضُونَةٌ أمْ خِلْتَها بِنْتَ حُرّةٍ

من المُزْنِ ألْقَتْها الرُّعودُ الرّواجِس

وما كان من حَوْضِ الرّدى مُتقاعِساً

لو اجْتابَها يوْمَ الهِياجِ مُقاعس

وأنْعَمَ قيْسٌ فِكْرَهُ في قِياسِها

بما أعْجَزَ النّعمانَ حينَ يُقايِس

لها حَلَقٌ ضَيْقٌ لو أنّ وَضِينَهُ

فُؤادُكَ لم يَخْطُرْ بقَلْبِكَ هاجِس

لَمَاذِيّةٌ بَيْضَاءُ ما رامَ ذَوْقَها

ذُبابٌ سِوى ما أخْلَصَتْهُ المَداوِس

فعادَ وَقيذاً عن ضَريبَةِ صارِمٍ

نَأى ضَرَبٌ عنها جَنَتْهُ الجَوَارِس

كدُفْعَةِ مَوْجٍ من سَرابٍ تَدَفّعَتْ

به وتَرامَتْ خالِياتٌ بَسابِس

إذا احترَسَ الموْتُ المُسَلّطُ مُهْجَةً

فللنّفْسِ فيها بالمَقاديرِ حارِس

تَنَافَسَ فيها المُنْذِرانِ ولم يَكُنْ

لِيُعْتَبَ في أمْثالِها مَن يُنافس

حَبَتْها مُلوكُ الفُرْسِ نَصْراً وقوْمَه

ونالَتْ بها العَلياءُ لَخْمٌ وفارِس

فما أدْرَمَتْها في الوقائعِ دارِم

ولا استافَها في مَحبِسِ الخيلِ حابِس

نَأى عامِرٌ عنها وأصْحابُ مُذْهَبٍ

وما رَبُّ مَيّاسٍ بها الدّهْرَ مائِس

ولكنّها كانتْ لِقابوسَ عُدّةً

تَهُمّ بها تحتَ الظّلامِ القوابِس

وحِرْباؤها لم يُوفِ عُوداً وجُنْدُبٌ

أرَتْ عَينَهُ لم يَشْدُ واليوْمُ شامِس

ونَسّتْ إليها المُرْعِفاتِ قَضِيّةٌ

فأُبْنَ وما فيهِنّ إلاّ النّسائِس

إذا سِفْنَها أو سُفْنَها إضْنَ خُيَّباً

برَغْمٍ وقد يَرْدى الشُّجاعُ المُقامِس

إذا رادَ عَيْرُ السّيْفِ منها برَوْضَةٍ

تَلَقّاهُ مِن لَحْظِ العَرادَةِ فارس

كأنّ صَبيّ البيضِ إنْ شاء مَسَّها

صَبيُّ أُناسٍ عَضّهُ الفَقْرُ بائِس

شَكا الضُّرَّ منها غيرَ ذارِفِ دَمْعِهِ

وكيْفَ مَسيلُ الدّمعِ والشأنُ دارِس

كأنّ عَصا مُوسى لَياليَ حُوّلَتْ

له حَيّةٌ جادَتْ بما الذِّمْرُ لابِس

وإلاّ فأُخْرَى ساقَ في الشِّعْرِ وَصْفَها

زِيادٌ كَسَتْهُ مِعْوَزاً إذ يُمارِس

تَصونُ أَديماً لا تُجانِسُ أصْلَه

ويَشْقى بها من غيرِهِ ما تُجانِس

إذا ضَحِكَ القِرْضَابُ تِيهاً فإنّه

متى يَرَها بادِي النّدامةِ عابِس

تُعَذِّبُ أدْناهُ فَيَعْزُبُ دُونَها

وتُبْرِئُ داءَ الضّرْبِ والداءُ ناجِس

وتُؤمِنُ مَن فِيها يُكَفّرُ نَفْسَهُ

أقيلَ حَنيفٌ أمْ كَفورٌ مُؤالس

مُعَنِّسَةٌ إنْ جاءها الرّمْحُ خاطِباً

سقَتْهُ ذُعافَ الموتِ شَمطاءُ عانِس

سُلَيْمِيّةٌ مِن كلّ قُتْرٍ يَحوطُهَا

قَتيرٌ نَبَتْ عنه الغَواني الأوانس

تُخَيِّلُ أبْصارَ الدَّبَا فمُسَهَّدٌ

ومُغْفٍ وشيْءٌ بَيْنَ ذَيْنِكَ ناعس

كأنّ سِناناً رامَها خَطَّ قادِرٌ

عليه بَعيدٌ من أذى القِرْنِ يائس

أجِدَّكَ من حَدسِ الفتى قِيل حِندِس

فهل أنتَ ثاوٍ أو مُغِذٌّ فحادس

وما رَقَدَتْ عَنْسي ولكنْ سَما لَها

طُرُوقاً فأعْداها سَنًي مُتَناعِس

كلَمْحِ الشُّنوفِ العَسْجَدِيّاتِ أو كما

أشارَتْ بأخْفَى سُورِهِنّ العَرائس

جُرازُكَ نابٍ إنْ ضَرَبتَ به السُّرَى

ورَحْلُكَ ليلاً فوقَ نابٍ تُواعِس

قَرَتْكَ أواذِيُّ الفُراتِ صَبابَةً

وأبْلَسْتَ لمّا أعرَضَتْ لكَ بالِس

تنَكّرْتَ فاعْرِفْ للشّبيبةِ مَوْضِعاً

بكُلّ ضَميرٍ مِنْ هَواهُ وَساوِس

تَمَنّاهُ إِنْسِيٌّ وأعْيَسَ بازِلٌ

وأسْحَمُ طَيّارٌ وأعْفَرُ كانِس

أرى أُمَّ دَفْرٍ أُخْتَ هَجْرٍ ولا أرى

لها سالِياً ما غَيّبَتْهُ الرّوامِس

يَهيمُ بها الإنسانُ ثُمّ تُحِلّه

ذَرَى الأرْضِ وَصْفاها زَرُودٌ وراكِس

يُرَبَّبُ مِثلَ الغُصْنِ حتى إذا انتهى

أتى عاضِدٌ واستقبَلَ التُّرْبَ غارِس

ولا يُعْجِزُ الأيّامَ أخْضَعُ واحِدٌ

ولا أهْلُ عِزٍّ كُلّهُمْ مُتَشاوِس

لهمْ رابِعٌ في الجاهِلِيّةِ أوّلٌ

وَثانٍ وقد وافاهُمُ الدِّينُ خامِس

شرح قصيدة مهرت الفتاة الأحمسية نثرة لـ أَبو العَلاء المَعَرِي

قصيدة مهرت الفتاة الأحمسية نثرة لـ أَبو العَلاء المَعَرِي وهو من شعراء العصر العباسي تتكون من 55 بيت شعري .


تعريف وترجمات أَبو العَلاء المَعَرِي

هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته.

ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتل بالجدري التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر ثم رجع إلى بلده فأقام ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم.


المصدر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب - ياقوت الحموي


أبو العَلاء المعريّ (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمدُ بن عبَد الله بن سُلَيمان القضاعي التَنوخي المَعِري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.

ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.

كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.

وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد، خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن "أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي" وقال ذات مرة "وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة"

وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد "ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد" وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة "لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده"

عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.

وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان "تعريف القدماء بأبي العلاء".


المصدر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة - أبو العلاء المعري

مشاركة في شبكات التواصل الإجتماعي:

اقرأ أيضاً لـ أَبو العَلاء المَعَرِي


لو كنت رائد قوم ظاعنين إلى

لَو كُنتَ رائِدَ قَومٍ ظاعِنينَ إِلى دُنياكَ هَذي لَما أَلفَيتَ كَذّابا لَقُلتَ ...

ما عاقد الحبل يبغي بالضحى عضدا

ما عاقِدُ الحَبلِ يَبغي بِالضُحى عَضَداً إِلّا كَصاحِبِ مُلكٍ عاقِدِ التاجِ وَما ...

لو كان يدري أويس ماجنت يده

لَو كانَ يَدري أُوَيسُ ماجَنَت يَدُهُ لَاِختارَ دونَ مُغارِ الثَلَّةِ العَدَما ف ...

أحسن بالواجد من وجده

أحْسَنُ بالوَاجِدِ مِن وَجْدِهِ صَبْرٌ يُعيدُ النّارَ في زَنْدِهِ ومَنْ أبَى في ...

أيا سارحا في الجو دنياك معدن

أَيا سارِحاً في الجَوِّ دُنياكَ مَعدِنٌ يَفورُ بِشَرٍّ فَاِبغَ في غَيرِها وَكرا ...

رأيتك مفقود المحاسن غابرا

رَأيتُكَ مَفقودَ المَحاسِنِ غابِراً مَعَ الناسِ في دَهرٍ فَقيدَ المَحاسِنِ أَتَر ...